رصيف24 -اقتصاد
أظهرت معطيات رسمية حديثة أن حوالي 54% من المغاربة في سن العمل يعيشون دون أي غطاء تقاعدي، ما يضع مئات الآلاف من الأسر أمام مستقبل مجهول. هذه الأرقام المقلقة تأتي في وقت تدق فيه الحكومة ناقوس الخطر محذرة من احتمال نفاد احتياطات الصناديق الرئيسية للتقاعد خلال السنوات المقبلة.
وبحسب نفس المعطيات، فإن من بين 11 مليون مغربي في سن النشاط، هناك 6.3 مليون شخص لا يستفيدون من أي نظام للتقاعد.
في المقابل، يتجه الصندوق المغربي للتقاعد، الذي يغطي موظفي القطاع العام، إلى استنفاد احتياطاته بحلول سنة 2028، ما يجعله أكبر بؤرة تهديد.
أما النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد، فالوضعية تبدو أفضل نسبياً، إذ قد يصمد إلى غاية 2052، لكنه مرشح بدوره لتسجيل عجز في الأمد الطويل. فيما يتوقع أن يبدأ الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، الخاص بالقطاع الخاص، في تسجيل عجز ابتداءً من سنة 2038.
وتجدر الإشارة إلى أن أزمة التقاعد ليست وليدة اليوم. فمنذ 2013، أوصت اللجنة الوطنية بإصلاحات جذرية، مثل رفع سن التقاعد تدريجياً إلى 65 عاماً، وزيادة نسب المساهمات، وتغيير طريقة احتساب المعاشات. غير أن هذه الإجراءات لم تُنفذ بالكامل، ما أدى إلى تفاقم الوضعية الحالية.
وفي محاولة متأخرة، تدرس لجنة إصلاح التقاعد الحالية إعادة هيكلة شاملة للنظام، من خلال إنشاء قطبين (عام وخاص)، واعتماد نظام أساسي موحد، إلى جانب نظام تكميلي إجباري وآخر اختياري، فضلاً عن إحداث صندوق خاص لتمويل الإصلاح.
كما يرى خبراء أن أي تأخر إضافي في تنزيل الإصلاح سيؤدي إلى أزمة اجتماعية واقتصادية حادة.
فالتغيرات الديموغرافية، وتزايد أعداد المتقاعدين مقارنة بالنشيطين، وارتفاع الدين العام، كلها عوامل تنذر بمستقبل محفوف بالمخاطر.
ويحذر المتتبعون من أن فشل الإصلاح قد يشكل عبئاً ثقيلاً على الأجيال القادمة، ويهدد الاستقرار الاجتماعي في المغرب.