في تطور مفاجئ وغير مسبوق، أقدمت السلطات الإسبانية، خلال الأيام الأخيرة، على سحب العلم الإسباني من فوق جزيرتين صغيرتين تُعرفان بـ”البر” و”البحر”، واللتين تقعان قبالة السواحل المتوسطية للمغرب، على مقربة من مدينة الحسيمة.
القرار، الذي نقلته وسائل إعلام إسبانية، أعاد إلى الأذهان التوترات السياسية والعسكرية التي ظلت ترافق ملف الجزر الصخرية المحتلة من طرف مدريد، خاصة تلك التي يعتبرها المغرب جزءاً لا يتجزأ من أراضيه، بما في ذلك “جزيرة ليلى” و”جزيرة النكور” و”صخرة الحسيمة”.
وقد شكلت هذه الخطوة مفاجأة لدى المتابعين، خصوصاً أن العلم الإسباني ظل يرفرف فوق الجزيرتين طيلة أكثر من عقدين، منذ حادثة 2002 الشهيرة التي نزلت خلالها القوات المغربية في جزيرة “ليلى” (بيريخيل)، ما أدى إلى مواجهة دبلوماسية ساخنة مع مدريد حينها، قبل أن يتم التوصل إلى اتفاق مؤقت بوساطة أمريكية قضى بانسحاب الجانبين.
ورغم أن إسبانيا لم تصدر بيانًا رسميًا لتوضيح أسباب هذا الانسحاب الرمزي، إلا أن مراقبين يرون في ذلك مؤشراً على تغير محتمل في استراتيجية مدريد تجاه هذه الجزر، وربما إعادة نظر في ملفات السيادة المتنازع عليها مع المغرب في إطار ما يسمى “الأراضي غير المتمتعة بالاستقلال الكامل”.
وتأتي هذه الخطوة في ظرف إقليمي حساس، يتسم بتقارب متزايد بين المغرب وإسبانيا على خلفية دعم مدريد لمقترح الحكم الذاتي المغربي في الصحراء، وهو ما ساهم في إعادة دفء العلاقات الثنائية، بعد أزمة دبلوماسية خانقة طفت إلى السطح سنة 2021.
ويعتبر البعض أن هذه الإشارات الرمزية، مثل إزالة العلم، قد تُهيئ المناخ لفتح نقاش مؤسساتي جديد حول مستقبل هذه الجزر وموقعها في العلاقات الثنائية، في إطار مسار الثقة المتبادلة الذي دشّنه البلدان مؤخراً.