رصيف24
أعلنت الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها عن توقيف تنفيذ صفقة إعداد “خريطة مخاطر الفساد في قطاع الصحة”، وذلك عقب الجدل الذي أثارته تقارير إعلامية ومصادر إعلامية بشأن شبهات تضارب المصالح المرتبطة بطلب العروض رقم 07/2025، والذي فاز به مكتب الدراسات الأمريكي–الفرنسي Forvis Mazars.
ويأتي قرار الهيئة بعد أن كشفت مصادر مهنية عن ارتباط المكتب الفائز بالصفقة بعقد استشاري ومالي مستمر مع مجموعة “أكديطال”، أحد أبرز الفاعلين في القطاع الصحي الخاص بالمغرب، يمتد إلى نهاية سنة 2026 مع إمكانية التجديد لست سنوات إضافية، مما أثار تساؤلات حول مدى استقلالية وحياد الجهة المكلفة بالدراسة.
وفقًا للمصادر نفسها، فإن علاقة المكتب بشركة “أكديطال” تطرح علامات استفهام حول نزاهة دراسة يفترض أن تشمل القطاعين العام والخاص معًا، لاسيما وأنها تتعلق بتشخيص شامل للاختلالات البنيوية في منظومة الصحة بالمغرب.
وأكدت هذه المصادر أن أي تداخل في المصالح أو تبادل للمعلومات بين الأطراف المعنية قد يمس بمصداقية النتائج، خاصة أن الدراسة المقررة بميزانية تقارب 2.5 مليون درهم تتناول مسار المريض، وسلسلة توريد المستلزمات الطبية، والممارسات داخل المصحات الخاصة.
وأوضحت الهيئة، في بلاغ رسمي اليوم الأربعاء، أن رئيسها قرر توقيف تسليم الأمر بالخدمة المتعلق بالصفقة، مع إحالة الملف على اللجنة الوطنية للطلبيات العمومية للبت فيه، بهدف ضمان احترام معايير الشفافية والنزاهة وتكافؤ الفرص.
وأضاف البلاغ أن اللجنة ستقوم بدراسة شاملة لجميع الجوانب القانونية والتنظيمية المرتبطة بالصفقة والتأكد من مدى مطابقتها للمقتضيات الدستورية والمعايير الدولية الخاصة بتفادي تضارب المصالح.
كما أكدت الهيئة أنها أمرت بفتح تحقيق مفصل في المزاعم المثارة، مشددة على أن القرار النهائي سيتخذ بناءً على ما ستخلص إليه التحقيقات من نتائج، وعلى ضوء مدى احترام الإجراءات القانونية والتنظيمية.
وشددت الهيئة الوطنية للنزاهة على أن هذا القرار يندرج في إطار نهجها الصارم في حماية مصداقية عملها وترسيخ مبادئ الشفافية والنزاهة في تدبير المال العام والسياسات العمومية، مؤكدة أنها ستتعامل بحزم مع أي شبهة تمس بنزاهة الصفقات العمومية.
ويُنظر إلى هذه الخطوة باعتبارها سابقة مهمة في ترسيخ ثقافة المحاسبة داخل المؤسسات الوطنية، ورسالة واضحة بأن التعاقدات العمومية، خصوصًا المتعلقة بملفات حساسة مثل الفساد في القطاع الصحي، تخضع لأقصى درجات التدقيق والرقابة.