اهتزت مواقع التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية على وقع مقطع فيديو يوثق لحظة قيام سيدة بصفع رجل سلطة برتبة قائد، أمام مقر الملحقة الإدارية السابعة بمدينة تمارة.
مشهد استثنائي وغير مألوف، أثار جدلًا واسعًا في الرأي العام الوطني، بين من اعتبره تصرفًا طائشًا يستوجب العقاب، ومن رأى فيه رد فعل على مظلمة غير معروفة التفاصيل بعد.
وبحسب مصادر موثوقة، فإن الواقعة تعود إلى أيام مضت، لكن تسريب الفيديو مؤخراً أعاد تسليط الضوء عليها، مما أثار تساؤلات حول السياق الحقيقي للحادث، ودوافع السيدة التي أقدمت على هذا الفعل.
وما يستوقفنا في هذه الواقعة هو طبيعة التفاعل المجتمعي معها.
فقد اعتُبرت الصفعة التي وجهتها السيدة للقائد “جريمة وطنية”، وأثارت ردود فعل قوية تطالب بالمتابعة القانونية، وهو أمر مفهوم في دولة تحترم القانون. لكن، ماذا لو كان العكس قد حدث؟
ماذا لو كان رجل السلطة هو من صفع المواطنة أمام الملحقة الإدارية ووسط المارة؟ هل كنا سنشهد نفس مستوى الغضب الشعبي والإدانات؟ هل كانت الواقعة ستُوثق بنفس الجرأة ويتم تداولها بالزخم نفسه؟ أم أن الواقعة كانت ستُبرر تحت ذرائع مثل “فرض النظام” أو “التعامل الحازم مع الفوضى”؟
إن القانون واضح في تجريم الاعتداء، سواء صدر من المواطن أو رجل السلطة، لكن الممارسات على الأرض تكشف عن حساسية متفاوتة تجاه الطرف المعتدي.
فحين يكون رجل السلطة هو الجاني، فصفع رجل سلطة لمواطن كما شهدنا في مناسبات سابقة غالبًا ما يمر الأمر دون ضجة أو يتم تبريره بسهولة، بينما عندما يكون هو الضحية، تتحرك الآلة القانونية بسرعة، وتعلو الأصوات المنددة دون تردد.
من المؤكد أن القانون سيأخذ مجراه في هذه الواقعة، لكن العدالة لا تقتصر فقط على محاسبة الفعل، بل تتطلب أيضًا فهم أسبابه وسياقه.
فهل تعرضت السيدة لاستفزاز أو معاملة غير عادلة قبل أن تقدم على ما فعلته؟ هل كان هناك تجاوز في استعمال السلطة؟ هذه الأسئلة مشروعة ولا تقل أهمية عن مسألة محاسبة الفاعلة على تصرفها.
لا يمكن إنكار أن مؤسسات الدولة يجب أن تحظى بالاحترام، لكن هذا الاحترام لا يمكن أن يُفرض بالقوة، بل يُبنى على الثقة المتبادلة والعدالة في تطبيق القانون على الجميع، دون تفريق بين مواطن بسيط ورجل سلطة.
القضية تتجاوز مجرد “صفعة”، إنها تفتح الباب لنقاش أعمق حول علاقة المواطن بالإدارة، وحدود السلطة في تعاملها مع الأفراد، وضرورة ضمان التوازن بين فرض النظام وصون الكرامة الإنسانية.
نحن في رصيف 24، لا نبرر العنف ولا نشجع على التهور، لكننا نؤمن بأن الكرامة حق مشترك، وأن القانون يجب أن يُطبق على الجميع بإنصاف، دون منح حصانة لطرف على حساب آخر.
فصفع مواطنة لرجل سلطة يُعد جريمة، لكنه لا يفوق في خطورته اعتداء رجل سلطة على مواطن ضعيف.
إن الرأي العام بحاجة إلى حقائق كاملة، لا إلى جزء منها، وبحاجة إلى قضاء منصف لا يخضع لأي ضغوط.
فكما أن الاعتداء على رجال السلطة مرفوض، فإن تعسف السلطة على المواطنين مرفوض أيضًا. العدالة يجب أن
تكون للجميع، لا لفئة دون أخرى.
مصدر جرائد إلكترونية