مجتمع

حذف السكر العاني من القانون الجنائي يثيرا جدلا

وصل سجال “طابوهات القانون الجنائي” إلى مواضيع حساسة مجتمعيا؛ فأمام التعبير عن رفع عقوبة “السكر العلني” من طرف وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، ينتظر أن تفتح نقاشات حادة تبرز وجهات نظر متناقضة يحملها المجتمع وكذا البرلمان.

وطرح وزير العدل هذه النقطة في البرلمان وكذا في عدد من الندوات، لكن مسألة أجرأتها تطرح أسئلة عديدة؛ فأمام دفاع طيف حقوقي واسع عن الفكرة وعن احترام “الاختيارات الشخصية للفرد”، تتخوف فئات أخرى من تحول الأمر إلى “تطبيع” مع سلوك لا مقبول غير معلن.

وكان سحب مشروع القانون الجنائي قد جاء من أجل تعديل بعض مضامينه، لكن دون إصدار توضيحات حول طبيعة نقاط الاختلاف مع المسودة الراهنة، مع بروز بعض الملامح، خصوصا بشأن “الحريات الفردية”، بعد الخرجات المتواصلة لوهبي.

ويعاقب بالحبس لمدة تتراوح بين شهر واحد وستة أشهر وبغرامة يتراوح قدرها بين 150 و500 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط، كل شخص وجد في حالة سكر بين في الأزقة أو الطرق أو المقاهي أو الكباريهات أو في أماكن أخرى عمومية أو يغشاها العموم.

أحمد عصيد، كاتب مغربي، اعتبر موضوع السكر العلني كما هو مجرم في القانون الجنائي، من مظاهر ارتباك الدولة وتناقضها، والسبب في ذلك أن هذا القانون يعود إلى بداية الاستقلال، وبقي على حاله فيما يخص الحريات الفردية.

وقال عصيد إن التحولات المجتمعية قد جعلت هذا النص خارج السياق، متجاوزا من طرف نظام القيم الذي أصبح يؤطر العلاقات الاجتماعية.

ووجه التناقض في هذه المادة أن الدولة تسمح ببيع الخمور وتعطي رخص البيع ورخص فضاءات الاستهلاك كالمطاعم والحانات، وتمنع استهلاكها من طرف المغاربة.

وأوضح المتحدث أن الدولة تعتبر الخمر مادة محرمة مباحة للأجانب فقط، لكن ملايين الدراهم التي تستخلصها الحكومة من ضرائب بيع الخمور واستهلاكها تشير بوضوح إلى أن المغاربة، على العموم، هم من يستهلكون المواد الكحولية بنسبة كبيرة جدا، وأن الدولة لا تعاقبهم بقدر ما تتسامح معهم.

ومن الناحية القانونية، يتابع عصيد، “تعتبرهم مجرمين خارج القانون، ولهذا تطالبهم بالاختفاء عن الأنظار، فتمنع شرب الخمر في الفضاء العام الخارجي وتفرض على الحانات حجب الفضاء الداخلي، وطبعا يتم توقيف بعض الأشخاص بين الفينة الأخرى عندما تكون هناك حسابات ما”.

ووفق مصدر ، فإن ما ذكره وزير العدل هو الحل، أي “ضرورة حذف مادة السكر العلني من القانون الجنائي لأنها تتربص بمواطنين لا يؤذون أحدا بقدر ما يعيشون وفق نمط حياة يختارونه، ولا دخل للدولة فيما يختاره المواطنون في حياتهم الخاصة من طعام وشراب ولباس وإبداعات فنية ومعتقدات روحية”.

وسجل الكاتب المغربي ذاته أنه لا يمكن للدولة أن تحدد للمواطنين مكانهم أو تفرض عليهم خيارا معينا، “أما كون الخمر حراما أو العكس، فهو أمر يعود إلى القناعات الشخصية، وهو مرتبط بمنظومة دينية متكاملة لا تعتمدها الدولة المغربية لأنها دولة حديثة وليست دولة دينية قائمة على تطبيق الشرائع الدينية كنظام شامل”.

ويبدو لعصيد أن موضوع الحريات الفردية “مقلق للدولة، لأنها تعتمد بصدده نصوصا لم تعد مطابقة للواقع المغربي؛ حيث صار الفرد أكثر بروزا كوعي وسلوك واختيارات من ذي قبل.

وصارت القوانين ظالمة للأفراد بسبب عدم ملاءمتها لنمط العلاقات الجديد، ويدخل في ذلك أيضا العلاقات الجنسية الرضائية والمثلية وتغيير الدين أو مناقشته من خارج مرجعية الاعتقاد به”.

من جهتها، قالت نعيمة الفتحاوي، نائبة برلمانية عن مجموعة العدالة والتنمية، إن “سحب القانون الجنائي جاء لإضفاء تعديلات، لكن إلى حدود الساعة لم يتم التوصل بأي معطيات في هذا الباب وطبيعة الفصول التي سيشملها أي تغيير مرتقب”.

المصدر:هسبريس

تابعنا على جوجل نيوز

قم بمتابعة رصيف24 على جوجل نيوز

متابعة
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى