قال أحمد العمومري، الأمين العام للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، إن وضعية الفساد في المغرب مقلقة، مشيراً إلى أن تقدير كلفته بدقة يبقى صعباً بسبب اختلاف المعايير المعتمدة بين المؤسسات الوطنية والدولية.
وجاء تصريح العمومري خلال تقديم مشروع الميزانية الفرعية للهيئة برسم سنة 2026، اليوم الأربعاء بمجلس النواب، حيث أبرز أن مؤشر إدراك الفساد العالمي، الذي يُعد المرجع الأبرز في هذا المجال، يُظهر أن المغرب تراجع إلى الرتبة 99 بحصوله على 37 نقطة من أصل 100، بعد أن كان قد حقق تحسناً نسبياً سنة 2018 بـ43 نقطة إثر اعتماد الاستراتيجية الوطنية لمحاربة الفساد.
وأوضح العمومري أن مؤشر إدراك الفساد يعتمد على تجميع بيانات ودراسات دولية متعددة لقياس مستوى الفساد في القطاع العام، مشيراً إلى أنه رغم ما يعتريه من نواقص، إلا أنه يبقى المؤشر العالمي الرئيسي المعتمد لقياس هذه الظاهرة.
وأضاف قائلاً:
“لا يجب أن نُحَمّل المؤشر مسؤولية التراجع، بل علينا أن نراجع أنفسنا جماعياً كبرلمان ومؤسسات دستورية وهيئات تنفيذية”.
وأكد أن المغرب يتوفر على ترسانة تشريعية قوية في مجال مكافحة الفساد، لكن الإشكال الحقيقي يكمن في ضعف التطبيق والتنزيل العملي على أرض الواقع.
وأشار العمومري إلى أن المغرب تراجع في المؤشر الفرعي لغياب الفساد من المرتبة 47 سنة 2015 إلى المرتبة 95 سنة 2024، مما يعكس تزايد التحديات مقارنة بدول أخرى.
أما في مؤشر التحول السياسي، فقد انتقل المغرب من المرتبة 74 سنة 2006 (بنقطة 4.48) إلى المرتبة 106 سنة 2024 (بنقطة 3.52)، أي خسارة 32 مركزاً، وهو ما يعزى جزئياً إلى ضعف المشاركة السياسية.
وفيما يتعلق بـمؤشر الحكامة، سجل المغرب انخفاضاً قدره 0.21 نقطة بين سنتي 2022 و2024، ليبلغ 4.63 نقطة، بسبب تراجع معيار بناء التوافقات المؤسسية.
بخصوص كلفة الفساد، أوضح الأمين العام أن الهيئة لا تتوفر على رقم دقيق وموحد، لكون التقديرات تختلف حسب المؤسسات الدولية.
فوفق البنك الدولي، تصل كلفة الفساد العالمي إلى 5 في المائة من الناتج الداخلي الخام العالمي، فيما يقدرها صندوق النقد الدولي بما بين 3 و14 في المائة.
أما البرلمان الأوروبي، فيقدّر كلفة الفساد داخل الاتحاد الأوروبي بما يعادل 6.3 في المائة من الناتج الإجمالي، بينما يرى البنك الإفريقي للتنمية أن الفساد في القارة الإفريقية يكلف 6 في المائة من الناتج الداخلي الخام، بسبب التهرب الضريبي والتلاعب في الصفقات العمومية والتدفقات المالية غير المشروعة.
وأشار العمومري إلى أنه تم إنشاء لجنة وطنية لتتبع مؤشرات الفساد تضم الحكومة والمؤسسات العمومية، هدفها جمع البيانات وتحليلها وضمان التنسيق بين مختلف المتدخلين، في إطار مقاربة تشاركية لقياس وتتبع الظاهرة بدقة أكبر.

