أزاح تقرير صادر عن مجلس المنافسة الستار عن مستويات غير مسبوقة من الأرباح الصافية التي حققتها شركات توزيع المحروقات في المغرب سنة 2024، رغم الاضطرابات في السوق الدولية، واضعاً بذلك حداً للغموض الذي طال ملف الربحية الحقيقية لهذا القطاع الحساس.
أفاد التقرير، الذي يغطي الربع الأول من سنة 2025 ويحلل مؤشرات الأداء المالي برسم 2024، بأن رقم المعاملات الإجمالي لقطاع توزيع الكازوال والبنزين بلغ 77.9 مليار درهم، بينما بلغت الأرباح الصافية حوالي 2.3 مليار درهم. وقد استقر متوسط هامش الربح الصافي في حدود 2.9%، أي ما يعادل 43 سنتيمًا للتر من الكازوال و61 سنتيمًا للتر من البنزين.
وتمثل هذه الأرقام قفزة مقارنة بمتوسط السنوات الثلاث الماضية الذي لم يتجاوز 1%، كما تعكس تحسناً واضحاً مقارنة بفترة الأزمات التي طغت بين 2022 و2023، والتي شهدت تآكلاً في الربحية بسبب ارتفاع الأسعار الدولية والغرامات المفروضة من طرف المجلس.
أبرز التقرير تغيرات لافتة في هيكلة السوق، حيث تراجعت حصة الشركات التسع الكبرى من 89% إلى 84% سنة 2024، لصالح وافدين جدد كسرت احتكار السوق، مثل “BGN Energy Maroc” و”BB Energy” و”Appollo Petroleum”. وشهدت القدرة الوطنية على التخزين نمواً بنسبة 7.4% لتبلغ 1.15 مليون طن، بينما ارتفع عدد محطات الوقود إلى 3534 محطة، 72% منها تابعة للفاعلين الكبار.
وسُجلت أيضاً زيادة بنسبة 3% في كميات المبيعات لتصل إلى 7.3 مليارات لتر، ما يُظهر أن النمو في الأرباح جاء نتيجة الحجم أكثر من الأسعار.
كشف التقرير عن اختلاف كبير في هامش الربح بين الكازوال والبنزين، حيث بلغ الهامش التجاري الإجمالي في بداية 2025 نحو 1.24 درهم/لتر للكازوال، و1.95 درهم/لتر للبنزين، مع تسجيل ذروات بلغت 2.11 درهم/لتر، ما يعكس استمرارية الفجوة بين أسعار البيع وتكلفة الشراء دون ضرائب.
حقق القطاع عائداً على رأس المال المستثمر (ROCE) بنسبة 30%، وعائد حقوق المساهمين (ROE) بنسبة 29%، إلا أن التقرير لفت إلى تفاوتات كبيرة بين الفاعلين، إذ أوقفت بعض الشركات، رغم تحقيق أرباح، توزيع أرباحها، ما أدى إلى انخفاض معدل توزيع الأرباح إلى 41%، بعد أن كان في حدود 87% بين 2018 و2021.
ورغم الأداء القوي خلال 2024، إلا أن تحليل البيانات الطولية يكشف عن تراجع هامش الربح على المدى المتوسط من 3.7% بين 2018-2021 إلى 1.8% خلال 2022-2024، في وقت بقيت الاستثمارات السنوية شبه مستقرة في حدود 1.3 مليار درهم. ما يشير إلى أن نتائج 2024، وإن كانت إيجابية، لا تكفي لتأمين دينامية مستدامة طويلة الأجل.