رصيف24-مجتمع
في خطوة اجتهادية غير مسبوقة تجمع بين روح الشريعة الإسلامية ومتطلبات الواقع الاقتصادي المعاصر، أعلن المجلس العلمي الأعلى عن فتوى جديدة تحدد كيفية احتساب الزكاة على المداخيل من قطاع الخدمات، باعتماد الأجر الأدنى الرسمي (3266 درهمًا) كمرجع لتقدير النفقة الشخصية أو العائلية الدنيا في حساب الزكاة.
وجاءت هذه الفتوى بتوجيه مباشر من أمير المؤمنين الملك محمد السادس نصره الله، القائد الأعلى للشؤون الدينية بالمملكة.
ووفق الفتوى المبنية على أصول المذهب المالكي مع اعتماد منهج الاجتهاد المنضبط، فإن قطاع الخدمات يشمل مداخيل العاملين في القطاعات العامة والخاصة، مثل الأجور، والخدمات الصحية والبنكية، والاتصال، والحقوق المعنوية (الابتكار، العلامات التجارية، التأليف والنشر)، إضافة إلى مجالات الطاقة، الماء، تدبير النفايات، الفنون، الترفيه، والإشهار.
وأوضحت الفتوى أن الزكاة تجب بنسبة 2.5% (ربع العشر) على هذه المداخيل إذا بلغت النصاب المحدد بـ7438 درهمًا (وفق قيمة الفضة الحالية)، وذلك بعد خصم تكاليف المعيشة والتسيير ومضي عام هجري كامل.
وأكد المجلس أن اعتماد الأجر الأدنى كمرجع للنفقات “يضمن عدالة التكليف الشرعي، ويحمي أصحاب الدخول الدنيا”، مبرزًا أن ترك تحديد النفقة للتقديرات الشخصية “قد يؤدي إلى تفاوت غير منصف بين المزكّين”.
كما شددت الفتوى على أن هذا المعيار المالي قابل للتحديث كلما تغيّر الحد الأدنى للأجور رسميًا، ليبقى نظام الزكاة متجددًا ومتوافقًا مع تطورات الواقع الاقتصادي.
مثال توضيحي:
موظف في قطاع الخدمات يتقاضى 10,000 درهم شهريًا (120,000 سنويًا).
- النفقة السنوية الدنيا: 3266 × 12 = 39,192 درهمًا
- الصافي بعد الخصم: 120,000 – 39,192 = 80,808 درهمًا
- الزكاة الواجبة: 80,808 × 2.5% = 2020 درهمًا سنويًا
وتعتبر هذه الفتوى تحولًا فقهيًا واقتصاديًا مهمًا في تفعيل مبادئ الزكاة كأداة للتكافل الاجتماعي، خاصة في ظل تطور القطاعات الحديثة القائمة على الخدمات والابتكار.

