يشهد مجال البودكاست في المغرب تطورًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، حيث باتت هذه الوسيلة الرقمية منبرًا بديلًا للتعبير عن قضايا المجتمع وهموم الأفراد، بشكل حرّ وعفوي، بعيدًا عن القيود التقليدية التي تحكم وسائل الإعلام الكلاسيكية.
ويستقطب البودكاست المغربي جمهورًا واسعًا من مختلف الفئات العمرية، خاصة الشباب الذين تجاوزوا سن السادسة عشر، ممن يبحثون عن محتوى قريب من واقعهم، صادق في لغته، وغير موجّه وفق أجندات محددة.
ورغم غياب بيانات رسمية دقيقة، تُقدّر نسب الاستماع المنتظم للبودكاست الصوتي في صفوف المغاربة بـحوالي 18% من الفئة العمرية الشابة، في وقت تُسجّل فيه ملايين المشاهدات للحلقات المصورة التي تُبث عبر منصات الفيديو مثل “يوتيوب”، ما يعكس تزايد شعبية هذا النوع من المحتوى.
ما يميز البودكاست المغربي هو تنوّع موضوعاته التي تتناول مختلف جوانب الحياة اليومية، من السياسة والاقتصاد، إلى المجتمع والدين، مرورًا بالثقافة والفن. هذا التنوع سمح باستقطاب جمهور غير متجانس، لكنه موحّد بالرغبة في فهم الواقع من زوايا مختلفة.
كما ساهم سقف الحرية الأوسع الذي يتيحه البودكاست، مقارنة بالإعلام الرسمي، في جعله أكثر جاذبية، خاصة في المواضيع الحساسة التي غالبًا ما يتم تفاديها في المنصات التقليدية.
يعزى هذا النجاح أيضًا إلى جودة المحتوى، وحرص صُنّاع البودكاست على استضافة شخصيات مثيرة للاهتمام، قادرة على إثارة النقاش بأسلوب جذاب. فالكثير من الحلقات التي تُقدّم اليوم لا تكتفي فقط بنقل الرأي، بل تفتح باب الحوار البنّاء بلغة بسيطة وقريبة من المستمع المغربي.
أصبح البودكاست اليوم جزءًا من منظومة الاقتصاد الرقمي والإعلام البديل، وفرصة حقيقية أمام الشباب المغربي لإبراز قدراته في صناعة المحتوى، والتأثير في الرأي العام عبر أدوات بسيطة وتكاليف منخفضة، لكنها غنية بالقيمة المضافة.
ويتوقع مراقبون أن يتعزز هذا المسار في السنوات المقبلة، مع انتشار ثقافة الاستماع الرقمي، ودخول مؤسسات وشركات داعمة لهذا النمط الجديد من التعبير.