باشرت المفتشية العامة للإدارة الترابية، بشراكة مع نظيرتها التابعة لوزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، تحقيقات ميدانية واسعة النطاق، لكشف ملابسات خروقات خطيرة تمس ملفات رخص البناء والسكن، وذلك في ظل استفحال ظاهرة الاحتيال على برنامج الدعم المباشر للسكن الذي أُطلق مطلع 2023، والذي يتيح مساعدات مالية تصل إلى 100 ألف درهم لفائدة المشترين لأول مرة.
ورغم التعديلات القانونية والإدارية التي شهدها القطاع، فإن تقارير المراقبة رصدت استغلالاً ممنهجاً للثغرات القانونية وتواطؤ بعض الموظفين ومنتخبين، مكن عدداً من المنعشين العقاريين وأشخاص ذاتيين من الحصول على رخص غير قانونية، تُمكّنهم من الاستفادة غير المشروعة من الدعم العمومي.
من بين أبرز أساليب الاحتيال المنتشرة:
- تقديم بنايات قائمة على أنها أراضٍ غير مبنية.
- تنفيذ “هدم صوري” لبنايات قائمة وتقديمها كمشاريع جديدة.
- تسريع غير مبرر لإجراءات رخصة السكن بغرض الإدلاء بها كوثيقة مؤهِّلة للحصول على الدعم، علماً أن الشرط الأساسي هو التوفر على رخصة سكن صادرة سنة 2025.
وفي إقليم سيدي قاسم، رُصدت حالة شاذة تتعلق بمنزل تم بناؤه سنة 2017، لكن تم تسوية وضعيته في يوليوز 2025، أي بعد انقضاء الأجل القانوني المحدد في 11 ماي.
والأخطر، أن تم ألمصادقة على الملف دون معاينة ميدانية.
وفي ملف آخر بنفس الإقليم، تم منح رخصتي البناء والسكن لمنزل من طابقين في أقل من أسبوعين، وهي مهلة غير ممكنة تقنياً.
أما في جهة الدار البيضاء – سطات، فالتجاوزات بلغت حدّاً مقلقاً، حيث كشفت تقارير أن “الشباك الوحيد” منح رخص بناء لعقارات مشيّدة بعد 2023 فقط لتمكين أصحابها من الدعم، وهو ما أكدته الفرقة الوطنية للشرطة القضائية في تقاريرها خلال يونيو 2025، مشيرة إلى تواطؤ موظفين بعدد من الجماعات من ضمنها جماعة الرباط.
المعطيات تُظهر انتهاكات جسيمة للقانون رقم 12.66 المتعلق بزجر المخالفات في ميدان التعمير، وللقانون رقم 25.90 المنظم للتجزئات السكنية، إضافة إلى خرق المراسيم التنظيمية الخاصة بتسوية البناء العشوائي.
ويُضاف إلى ذلك ما سبق نشره في تقارير سنة 2024 حول شبكات “السمسرة” داخل الجماعات، تشمل موظفين، منتخبين، ومنعشين، تُمارس عمليات تسوية ملفّات وهمية مقابل رشاوى أو منافع.
كل هذه المؤشرات تُهدد مصداقية برنامج الدعم وتطرح تساؤلات حقيقية حول فعالية أجهزة الرقابة، في وقت تراهن فيه الدولة على توسيع قاعدة السكن اللائق وتحقيق العدالة المجالية.
ويرى متابعون أن استمرار هذه التجاوزات دون حزم قانوني، يُهدد ليس فقط المال العام، بل ثقة المواطن في مؤسسات الدولة وبرامجها الاجتماعية.
📌 المصدر: جريدة إعلام تيفي (i3lamtv)