في تقرير صادر الشهر الفائت عن المعهد المغربي لتحليل السياسات، جرى تسليط الضوء على التعثر الكبير الذي يواجه ورش التحول الرقمي داخل الإدارة العمومية المغربية، رغم البرامج المعلن عنها منذ سنوات.
التقرير الذي حمل عنوان “متاهة المرتفق في دواليب الإدارة العمومية” أوضح أن ما تحقق حتى الآن لم ينجح في سد الفجوة بين المواطن والإدارة، حيث ظلت المشاريع الرقمية عاجزة عن خلق منظومة موحدة تمكّن المرتفقين من الولوج بسهولة إلى الوثائق والخدمات الإدارية.
بل إن الرقمنة في بعض الحالات لم تُبسط الإجراءات، بل زادت من تعقيدها.
وأشار التقرير إلى أن عدداً من الإدارات ما زالت متمسكة بالنمط الورقي، رغم وجود بوابات وخدمات رقمية.
وغالباً ما لا يتم الاعتراف بالمواعيد أو الوصلات الإلكترونية، مما يضطر المواطن إلى إعادة الإجراءات بالطريقة التقليدية.
هذا الأمر يعكس محدودية تفعيل قانون 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر، الذي لم يدرج بوضوح الصيغ الإلكترونية، مكتفياً بالتعريفات التقليدية للقرار الإداري.
مقاومة التغيير
التقرير كشف كذلك أن غياب الإرادة الحقيقية لمواجهة “جيوب المقاومة” داخل الإدارة يعرقل الإصلاح الرقمي. هذه الجيوب تتشبث بثقافة بيروقراطية وسلطوية تُفرغ المبادرات من مضمونها. كما لم تُعتمد بعد آليات زجرية أو تحفيزية لدفع الموظفين نحو الانخراط في هذا الورش الوطني.
الإدارة المغربية لا تزال تعاني من أعطاب مزمنة في أنظمتها المعلوماتية، خصوصاً على مستوى الجماعات الترابية، ما يعيق تسريع نزع الطابع المادي عن المساطر.
كما أن آليات التبسيط مثل “التصريح بالشرف” أو “الموافقة الضمنية” ما زالت مقيدة، مما يكرس استمرار الجمود الإداري.
وخلص التقرير إلى أن مشروع الرقمنة الذي يُفترض أن يشكل رافعة لتحديث الإدارة وتيسير حياة المواطنين، ما زال رهين عقليات متصلبة وممارسات بيروقراطية. الأمر الذي يترك المرتفقين عالقين في متاهة انتظار طويلة، بعيداً عن الأهداف المعلنة للإصلاح.