الرباط – رصيف24
أثار دخول قانون المسطرة الجنائية حيز التنفيذ بعد نشره في الجريدة الرسمية، دون مروره عبر المحكمة الدستورية، موجة جدل واسعة في صفوف الهيئات الحقوقية المعنية بمحاربة الفساد ونهب المال العام. واعترضت هذه الهيئات على مواد وصفتها بـ”المثيرة للقلق”، لكونها تقيد حق المجتمع المدني في تقديم شكايات ضد المشتبه في تبديدهم المال العام.
وتتركز الانتقادات على المادة الثالثة من القانون، التي نصّت على أن الأبحاث وإقامة الدعوى العمومية في الجرائم المتعلقة بالمال العام، لا تُباشر إلا بطلب من الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، بناءً على إحالات محددة من مؤسسات رقابية مثل المجلس الأعلى للحسابات، المفتشيات العامة للمالية والإدارة الترابية والوزارات، أو من الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة.
ويرى الحقوقيون أن هذا التقييد يمنح المنتخبين والمسؤولين العموميين حصانة مشابهة لتلك التي يتمتع بها كبار المسؤولين كأعضاء الحكومة والقضاة والولاة والعمال.
محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، اعتبر أن “الإبقاء على المادة الثالثة بصيغتها الحالية يضع المنتخبين والمسؤولين في موقع حصانة غير مبررة، ويحول دون محاسبتهم على تبديد المال العام”.
من جهته، عبّر رضوان دليل، الممثل القانوني للهيئة الوطنية لحماية المال العام والشفافية، عن استغرابه من دخول القانون حيز التنفيذ دون عرضه على المحكمة الدستورية، معتبرا أن ذلك “يحرم المجتمع المدني من دوره كشريك أساسي في تخليق الحياة العامة وتقييم السياسات العمومية، كما نص عليه الدستور”.
وأكدت الهيئات الحقوقية أن مقتضيات القانون، وخاصة المادتين 3 و7، تتعارض مع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي صادق عليها المغرب، معتبرة أن هذه التعديلات جاءت “استجابة لضغوط رموز الفساد بهدف توفير حماية لهم وتشجيع استمرار مظاهر الرشوة والريع”.
الهيئة الوطنية لحماية المال العام والشفافية أعلنت استعدادها للتنسيق مع التنظيمات السياسية والحقوقية والنقابية لخوض “جميع الأشكال الاحتجاجية المشروعة”، بهدف التصدي لأي محاولة لتكريس الإفلات من العقاب.
كما أكدت أنها بصدد توجيه مراسلة إلى الملك محمد السادس للتدخل من أجل ضمان احترام الدستور والاتفاقيات الدولية ذات الصلة.