في ظل تفاعل واسع على منصات التواصل الاجتماعي، تداول عدد من المستخدمين مقطعًا مصوّرًا تظهر فيه سيدة مغربية وهي تبكي بحرقة، متظلمة مما وصفته بـ”سرقة الأعضاء البشرية” لابنها المتوفى بعد حادثة سير وقعت بتاريخ 8 شتنبر 2021. وقد أثار الفيديو موجة من التعاطف الشعبي، إلى جانب تساؤلات بشأن مصير جثمان الهالك.
غير أن النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء خرجت عن صمتها، وأعلنت في بلاغ رسمي أن ما ورد في الفيديو من ادعاءات “غير صحيحة ومخالفة للحقيقة”، مؤكدة أن القضية سبق وأن خضعت لتحقيق معمق باشرته الفرقة الوطنية للشرطة القضائية.
وأوضح البلاغ، الذي توصلت به جريدة هسبريس، أن عملية التبرع بأعضاء الراحل تمت في “احترام تام للمقتضيات القانونية والتنظيمية الجاري بها العمل”، ووفقًا لما ينص عليه القانون رقم 16.98 المتعلق بالتبرع بالأعضاء والأنسجة البشرية.
بين الألم الإنساني والمسؤولية القانونية
في تعاطيها مع هذه القضية، حاولت النيابة العامة الجمع بين واجب التوضيح ومسؤولية طمأنة الرأي العام، دون إغفال الألم الإنساني الذي تعيشه الأم المفجوعة. فالموت المفاجئ، خاصة في صفوف الشباب، يترك دائمًا جراحًا يصعب تضميدها، وقد تتحول مشاعر الحزن إلى شكوك وأسئلة مؤلمة، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بموضوع حساس كالتبرع بالأعضاء.
إلا أن الدولة، من خلال أجهزتها القضائية، تؤكد أنها تسهر على احترام الضوابط القانونية المعمول بها، لا سيما في القضايا التي تمس كرامة الإنسان وحقوقه بعد الوفاة. وتُعدّ عملية التبرع بالأعضاء من بين المجالات التي تخضع لإجراءات صارمة، تتطلب موافقة صريحة وتوثيقًا دقيقًا.
دعوة إلى التعاطي المسؤول مع المعلومة
وفي ختام البلاغ، دعت النيابة العامة المواطنين إلى التحقق من صحة المعطيات قبل تداولها، وخاصة تلك التي قد تمس مؤسسات الدولة أو تمس بكرامة أشخاص آخرين، أحياءً كانوا أو أمواتًا.
تبقى مشاعر الأمومة مقدّسة، وصوت الحزن لا يمكن تجاهله، لكن من المهم أيضًا أن يُمنح القضاء ما يكفي من الثقة والوقت ليقول كلمته، بعيدًا عن ضغط الشارع أو منطق الاتهام المسبق.