رصيف24-مجتمع
عرفت مدن مغربية عدة، خلال الأيام الماضية، موجة احتجاجات قادها شباب ينتمون إلى ما يُعرف بمجموعة “جيل زد”. وبينما انطلقت هذه التحركات بطابع اجتماعي وسلمي، فإن بعضها سرعان ما انزلق إلى العنف والشغب، خاصة في وجدة وإنزكان والرشيدية وآيت عميرة وبني ملال، حيث أضرمت النيران في سيارات تابعة للأمن والدرك، وتم اقتحام مؤسسات تجارية ووكالات بنكية وبريدية، إلى جانب كسر أبواب متاجر وسرقة محتوياتها.
تحولت هذه التحركات من مجرد تعبير اجتماعي إلى مواجهات مباشرة مع القوات العمومية، بعدما عمد المحتجون إلى الرشق بالحجارة وإلحاق أضرار بالممتلكات العامة والخاصة. وأسفرت هذه الأحداث عن خسائر مادية وإصابات بشرية، فيما تدخلت السلطات الأمنية لتوقيف عدد من المتورطين.
يرى متتبعون أن هذه الانزلاقات تعكس أبعاداً نفسية واجتماعية عميقة لدى الشباب المحتج. فحسب ملاحظاتهم، فإن فهم سلوكيات هؤلاء الشباب خلال لحظات الاحتقان ضروري لإيجاد مقاربات أكثر فعالية لاحتواء الظاهرة، وإعادة توجيه طاقاتهم نحو التعبير السلمي.
في هذا السياق، أوضح زكرياء أكضيض، أستاذ علم الاجتماع، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الاحتجاجات الحالية تختلف عن الحركات التقليدية المؤطرة من طرف الأحزاب والنقابات والجمعيات، حيث يغيب الالتزام الأيديولوجي والتنظيمي، وهو ما يجعلها أقرب إلى ما يسمى ‘الجمهور النفسي’، الذي يتصرف أفراده وفق معايير جماعية قد تميل إلى التخريب والعنف بدل الانضباط والسلمية”.
وأضاف أن “الاحتجاجات الجديدة ما تزال في طور التشكل ولم ترقَ بعد إلى مستوى حركة منظمة، لكن غياب التأطير قد يدفعها إلى متاهات العنف”.
أكد الأكاديمي ذاته أن “التجارب السابقة أظهرت أن الوساطة تلعب دوراً أساسياً في الحفاظ على سلمية الاحتجاجات، كما حدث مع حركة 20 فبراير التي ساهمت الجمعيات والأحزاب في تأطيرها”.
مشدداً على أن غياب الوسطاء عن الساحة يُعتبر ناقوس خطر يستدعي تدخل النخب والمؤسسات المدنية لإيجاد قنوات للتواصل مع الشباب.