كشف تقرير حديث لبنك المغرب عن تحديات كبيرة تواجه نظام الحماية الاجتماعية في المملكة، مؤكداً أن التأمين الصحي، رغم توسعه، لا يوفّر بعد حماية مالية شاملة للأسر المغربية.
وأوضحت الدراسة الصادرة حول «التأمين الصحي ومدخرات الأسر» أن نسبة التغطية الصحية بلغت أكثر من 85% سنة 2022، غير أن الأسر المغربية لا تزال تنفق ما يقارب 31 مليار درهم سنوياً من جيوبها، أي ما يعادل 848 درهمًا للفرد.
ويمثل هذا الإنفاق ضغطًا كبيرًا على ميزانيات الأسر، خصوصًا في الوسط القروي وذوي الدخل المحدود، مما يقلّص قدرتها على تلبية حاجاتها الأساسية مثل التعليم والسكن والغذاء.
أشار التقرير إلى أن النفقات الشخصية تشكل 38% من إجمالي الإنفاق الصحي، وهي نسبة تفوق المستوى الموصى به من طرف منظمة الصحة العالمية (25%)، كما تتجاوز المتوسطات الإقليمية والعالمية، مما يعكس هشاشة الحماية الصحية في المغرب مقارنة بدول مماثلة.
وأظهرت الدراسة أن الأسر المؤمَّن عليها تقلّص من ادخارها بنسبة 24.5% مقارنة بالأسر غير المؤمَّنة، حيث إن وجود التأمين الصحي يحدّ من الحاجة إلى الادخار الاحترازي.
وسجّلت الأسر ذات الدخل المنخفض أكبر انخفاض في المدخرات (28%)، مقابل تأثير محدود على الأسر الغنية (5.9%).
كما بيّن التقرير أن الأسر التي تعيلها نساء تراجعت مدخراتها بـ21.2%، والأسر الريفية بـ22.2%، بينما العاملون لحسابهم الخاص سجلوا أكبر تراجع بنسبة 45.7%.
وأكد التقرير أن التوسع في التأمين الصحي الإجباري (AMO) يمكن أن يسهم في تحسين سلوكيات الادخار والاستهلاك، من خلال تمكين الأسر من إعادة توجيه مواردها نحو التعليم والسكن والاستثمار.
لكنّ التحدي، حسب التقرير، يكمن في ضمان وصول الخدمات الصحية إلى المناطق القروية والفئات الهشة، حيث تظل النفقات الطبية مرتفعة وجودة الخدمات محدودة.
وشدّد البنك على ضرورة وضع سياسات صحية واجتماعية شاملة ترتكز على:
- تقليص النفقات الشخصية المباشرة،
- تحسين جودة الخدمات الصحية،
- وتكامل أنظمة التأمين لضمان استفادة أوسع للفئات ذات الدخل المحدود.
وأكد التقرير أن تحقيق العدالة الاجتماعية يتطلب توازناً بين طموحات الإصلاح والقدرة المالية للأسر المغربية، بهدف تحقيق رفاهية اقتصادية مستدامة وشاملة.

