على الرغم من الترحيب الواسع الذي لقيته الدعوة الملكية إلى الامتناع عن نحر الأضحية خلال عيد الأضحى لهذه السنة، حفاظًا على القطيع الوطني، إلا أن الأسواق المغربية عرفت إقبالًا كبيرًا على شراء اللحوم، وخاصة الأحشاء أو ما يُعرف بـ”الدوارة”، التي وصل سعرها إلى 700 درهم، ما يعكس تناقضًا لافتًا في السلوك الاجتماعي لدى المغاربة.
وفي هذا الصدد، اعتبر الخبير النفسي عادل الحسني، في حديثه لجريدة “العمق”، أن هذا السلوك يعكس تشابك المستويات النفسية الجماعية في المجتمع المغربي، بين ما هو واعٍ وما هو غريزي.
وأوضح الحسني أن شريحة من المجتمع، بعد ترحيبها العقلي بقرار الامتناع عن الذبح، عادت مدفوعة بلاوعي جماعي وحنين إلى الطقس، متسائلة عن العقوبات المحتملة، في محاولة لاستعادة ما تشعر به كموروث رمزي مهدد أو مفقود.
وأشار الخبير إلى أن هذه الظاهرة تُعرف في علم الاجتماع بـ”اللااستقرار الرمزي”، حيث يبدو الفرد متقبلًا للقرار على المستوى العقلي، لكنه يعود عاطفيًا وسلوكيًا للتشبث بنقيضه، نظرًا لارتباط الأضحية ببُنى رمزية متجذرة، مثل الانتماء العائلي، الهيبة الذكورية، والتدين الشعبي.
وربط الحسني بين ارتفاع أسعار اللحوم والأحشاء وبين هذا التناقض، موضحًا أن الطلب في هذه الحالة ليس اقتصاديًا محضًا، بل هو محاولة رمزية لتعويض غياب الذبح ولو بشكل تمثيلي أو مجزأ.