كشفت دراسة أكاديمية حديثة، نُشرت في مجلة “Nature Communications” العلمية المرموقة، عن تحولات ملحوظة في علاقة الأجيال بالدين في مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك المغرب.
الدراسة التي أنجزها فريق من الباحثين من جامعات لوزان وأكسفورد ومركز “بيو” للأبحاث، تحت عنوان “المراحل الثلاث للانحدار الديني في العالم”، أظهرت أن الشباب المغاربة الذين تقل أعمارهم عن الأربعين عامًا يميلون إلى تدين أقل مقارنة بالكبار، سواء على مستوى المشاركة في الطقوس الدينية أو في مدى اعتبار الدين جزءًا محوريًا من حياتهم الشخصية.
واعتمد الباحثون في نتائجهم على استطلاعات شملت 111 دولة وإقليما، حيث رصدوا تراجعًا تدريجيًا في مظاهر التدين عبر ثلاثة مستويات مترابطة: المشاركة في الطقوس، الأهمية الشخصية، ثم الانتماء الديني. الدراسة تشير إلى أن الأجيال الجديدة عادة ما تبدأ بالتخلي عن الممارسات الدينية التي تتطلب وقتًا وجهدًا أكبر، بينما يستمر الحفاظ على الهوية الدينية لفترة أطول قبل أن تتراجع بدورها.
ويوضح معدو الدراسة أن “الدين يتراجع عالميًا بوتيرة تختلف من بلد لآخر، تبعًا للسياقات الثقافية والاجتماعية”. ففي أوروبا، مثلًا، وصل التراجع إلى مراحل متقدمة، بينما لا تزال إفريقيا، بما فيها المغرب، في بدايات هذه العملية، حيث ما تزال المجتمعات تُظهر مستويات مرتفعة من التدين، مع تفاوت نسبي بين الأجيال.
كما أشار الباحثون إلى أن التحول العلماني غالبًا ما يرتبط بالتطور المؤسسي والتكنولوجي الذي يجعل المؤسسات العلمانية تقدم بدائل أكثر عملية لمشكلات الحياة اليومية، ما يقلل تدريجيًا من الدور الوظيفي والاجتماعي للدين.
وتبرز الدراسة أن هذه التحولات لا تحدث بالضرورة داخل حياة الفرد نفسه، بل غالبًا ما تتجسد عبر ضعف انتقال الممارسات الدينية بين الأجيال. وهنا يبرز المغرب مثالًا واضحًا؛ إذ يُظهر الشباب مسافة أكبر تجاه الطقوس الدينية مقارنة بالكبار، وهو ما يفتح نقاشًا واسعًا حول مستقبل التدين في المجتمعات العربية والإفريقية.