آسفي – عبّر رئيس المجلس الإقليمي لآسفي، عبد الله كاريم، خلال الدورة الاستثنائية المنعقدة الأربعاء 12 نونبر 2025، عن موقف غير مسبوق في الجرأة والوضوح، مؤكداً أن الإقليم يعاني من غياب ميزانية قادرة على دعم التنمية، وأن الوضع المالي الحالي يحدّ بشكل مباشر من قدرة المجلس على تنفيذ المشاريع المبرمجة.
وقال رئيس المجلس بصريح العبارة: “معندناش الميزانية.. والتنمية رهينة بها”، في اعتراف يوصف بأنه من أكثر التصريحات صدقاً في المشهد المحلي، ويكشف عمق الأزمة الهيكلية التي تواجه عدداً من المجالس الإقليمية في المغرب، خصوصاً خارج المحاور الاقتصادية الكبرى.
أزمة مالية تكبح التنمية
وتشير معطيات محلية إلى أن الإقليم يعاني منذ سنوات من محدودية الاعتمادات المالية، ما أدى إلى تعثر مشاريع مهمة في مجالات البنية التحتية، وتأهيل المسالك القروية، ودعم القطاعات الاجتماعية كالصحة والتعليم.
ويعتمد المجلس الإقليمي بشكل شبه كامل على التحويلات المركزية والموارد الجبائية المحدودة، وهي موارد لا تُواكب حجم الانتظارات والخصاص التنموي بالإقليم.
مركزية القرار وغياب اللامركزية المالية
ويعيد هذا التصريح النقاش حول ضعف اللامركزية المالية، إذ رغم الخطوات المتقدمة نحو الجهوية الموسعة، لا تزال المجالس الإقليمية تفتقر لصلاحيات مالية واضحة تسمح لها بتعبئة موارد إضافية أو إبرام شراكات استثمارية مستقلة.
ويؤكد مراقبون أن هذا الوضع يجعل التنمية مرهونة بالقرار المالي المركزي، وهو ما يتعارض مع روح النموذج التنموي الجديد القائم على العدالة المجالية وتكافؤ الفرص.
أسئلة الشفافية وأولويات الإنفاق
اعتراف رئيس المجلس بضعف الميزانية يفتح أيضاً باب النقاش حول أولويات الصرف والنجاعة المالية.
ويتساءل متتبعون:
هل استُعملت الميزانيات السابقة بكفاءة؟
وما هي المشاريع التي توقفت أو تأجلت بسبب هذا العجز؟
وماذا قدم المجلس من حلول واقعية قبل رفع “نداء الاستغاثة”؟
مقترحات للخروج من الأزمة
ويرى خبراء التنمية الترابية أن تجاوز هذا الوضع يتطلب:
- توسيع صلاحيات المجالس الإقليمية لتعبئة موارد مالية جديدة وربط التمويل بمؤشرات الأداء.
- تعزيز الشراكة بين القطاع العام والخاص لتنفيذ مشاريع كبرى دون ضغط على الميزانية.
- رفع قدرات الأطر التقنية للمجلس لضمان جاهزية المشاريع وجذب تمويلات مركزية ودولية.
رسالة سياسية بصوت عالٍ
تصريح عبد الله كاريم يُقرأ كنداء صريح للدولة بهدف إعادة النظر في معادلة التمويل الترابي، وكنقطة انطلاق لنقاش وطني حول فلسفة توزيع الميزانيات وضمان حق المواطنين في التنمية، خصوصاً في الأقاليم ذات الإمكانات الكبيرة مثل آسفي.

