تعتبر مدينة آسفي من المدن المغربية التي تتميز بموقعها الجغرافي الاستراتيجي على الساحل الأطلسي، وكذلك بتاريخها الثقافي والحضاري العريق.
ومع ذلك، فإن المدينة تواجه تحديات عديدة، ومنها قضية التلوث الناتج عن الأنشطة الصناعية، ولا سيما التلوث الذي يسببه المجمع الشريف للفوسفاط. يعد هذا الموضوع من المواضيع الحيوية التي تستدعي دراسة معمقة بالنظر إلى الآثار السلبية التي تتركها تلك الأنشطة على البيئة وصحة الساكنة.
تشير التقارير إلى أن المجمع الشريف للفوسفاط هو واحد من أكبر الشركات في العالم المنتجة لسماد الفوسفاط ومشتقاته.
مما يجعله مصدراً مهماً للاقتصاد الوطني. ورغم الفوائد الاقتصادية والإيجابية التي يمكن أن يوفرها هذا القطاع، إلا أن الآثار السلبية الناتجة عن الأنشطة الصناعية لا يمكن التغاضي عنها.
حيث يؤثر التلوث الناتج عن هذه الأنشطة بشكل كبير على جودة الهواء والماء والتربة، مما يهدد سلامة وصحة المواطنين.
إن الساكنة المحلية في آسفي تعاني من مشاكل صحية عديدة نتيجة التعرض المستمر للملوثات الصناعية. فقد أظهرت دراسات أن نسبة الأمراض التنفسية وسرطانات معينة قد ارتفعت بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة.
وتُعزى هذه الزيادة إلى موجات التلوث الناجمة عن الغازات السامة والأدخنة التي تنتجها مصانع الفوسفاط. هذا الوضع يدفع السكان إلى التعبير عن قلقهم واحتجاجاتهم ضد الإهمال الذي ترعاه بعض الجهات المعنية، والتي لم تتخذ خطوات كافية للحد من هذه الآثار السلبية.
علاوة على ذلك، ينعكس التلوث أيضًا على البيئة المحيطة. فالمساحات الخضراء ومصادر المياه التي يستغلها السكان تتعرض للتلوث، مما يؤثر على الزراعة والصيد في المنطقة.
كما أن التلوث يضر بالمواطنين وبقطاعات السياحة التي تعتمد على جمال الطبيعة وسحرها، مما يؤدي إلى تدهور الاقتصاد المحلي.
تسعى الساكنة في آسفي إلى تحسين وضعيتها من خلال المطالبة بحلول مستدامة وأفعال ملموسة للحد من التلوث.
وقد قامت عدة جمعيات محلية بحملات توعوية ودعوة السلطات المحلية والوطنية إلى اتخاذ قرارات فعالة تعكس مدى الاهتمام بصحة المواطنين وبيئتهم. كما يتطلب الأمر تعزيز التعاون بين المجمع الشريف للفوسفاط والمجتمع المحلي لخلق آليات فعالة لمراقبة التلوث والتعويض عن الأضرار الناتجة عنه.
في الختام، يبقى التحدي الأكبر أمام مدينة آسفي هو تحقيق توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة وصحة المواطن.
إذ يتطلب الأمر من المسؤولين اتخاذ خطوات جادة لتقليص الآثار السلبية للتلوث الصناعي وتحسين ظروف الحياة للسكان. فالتنمية المستدامة هي السبيل لضمان مستقبل أفضل لكل من المدينة وساكنيها.
بقلم عبد الرزاق قارون

