في كل سنة، وتحديدًا في 30 يوليوز، يحتفل المغاربة قاطبةً بـعيد العرش المجيد، هذه المحطة الوطنية التي لا تشكل مجرد ذكرى لتولي صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله العرش، بل موعدًا سنويًا لاستحضار ما تحقق، وتطلعًا لما هو آت في ظل ملكية مواطنة تُصغي وتُبادر وتبني.
26 سنة من القيادة.. من المشروع إلى الإنجاز
تحل هذه الذكرى العزيزة في وقت بدأ فيه المغرب يقطف ثمار 26 سنة من العمل الدؤوب والقيادة الحكيمة، تحت راية ملك آمن دوماً بأن الاستثمار في الإنسان، والمكان، والزمن، هو المفتاح الحقيقي للتنمية الشاملة.
لقد شهد المغرب في ظل الرؤية الملكية تحولات كبرى، بفضل مشاريع مهيكلة امتدت إلى كل المجالات: الاقتصاد، البنية التحتية، الطاقات المتجددة، التعليم، الحماية الاجتماعية، الدبلوماسية، والرياضة. تحولات لم تأت من فراغ، بل من رؤية استباقية، واستثمار في الإصلاحات، وإرادة سياسية ثابتة.
اقتصاد واعد.. وبنية تحتية تنافس الكبار
اليوم، تقف المملكة شامخة ضمن الاقتصادات الصاعدة، بفضل إشعاعها في قطاعات استراتيجية كصناعة السيارات والطيران، وموقعها المتميز ضمن سلاسل القيمة العالمية. كما تعزز موقعها كبوابة قارية ودولية بفضل شبكة الطرق السيارة، وخط القطار فائق السرعة، وموانئ في مقدمتها طنجة المتوسط، المصنف بين الأفضل عالميًا.
وفي مجال الطاقات المتجددة، اختار المغرب أن يكون في قلب التحول الطاقي العالمي، من خلال استثمارات طموحة في الطاقة الشمسية، والريحية، والهيدروجين الأخضر، ما جعله نموذجًا يحتذى به في إفريقيا وخارجها.
البعد الإنساني.. في قلب المشروع التنموي
ورغم الطموح الاقتصادي، لم تُغفل القيادة الملكية الأبعاد الإنسانية والاجتماعية. فمن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية إلى تعميم الحماية الاجتماعية، ومشاريع كبرى في إصلاح التعليم، ورقمنة الخدمات، ومراجعة مدونة الأسرة، تجسّد هذه السياسات الحرص الدائم على جعل ثمار التنمية في متناول جميع المغاربة.
وفي هذا السياق، قال الخبير الفرنسي فريدريك إنسيل إن المغرب، تحت قيادة جلالة الملك، يعيش “دينامية مبهرة تجعله بلدًا صاعدًا حقيقيًا”.
الديبلوماسية.. حضور وازن وصوت مسموع
دبلوماسيًا، رسّخ المغرب مكانته كفاعل إقليمي وازن، خاصة من خلال دفاعه المستمر عن قضية الصحراء المغربية. الرؤية الملكية مكنت الرباط من حشد دعم غير مسبوق لمبادرة الحكم الذاتي، حيث أعلنت 123 دولة حتى الآن تأييدها لهذا الحل الواقعي وذي المصداقية.
ومن الولايات المتحدة إلى فرنسا، إسبانيا، والمملكة المتحدة، تتوالى الاعترافات الداعمة، مما يعكس القوة المتزايدة للدبلوماسية المغربية في المحافل الدولية.
إفريقيا.. شراكة تضامن ونمو مشترك
لم تنفصل السياسة المغربية عن عمقها الإفريقي. فعقب العودة إلى الاتحاد الإفريقي، بادرت المملكة بسلسلة مشاريع استراتيجية، أبرزها مبادرة أنبوب الغاز الإفريقي الأطلسي، ومشاريع تسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، تعبيرًا عن رؤية ملكية تؤمن بإفريقيا قوية بأبنائها ومنفتحة على العالم.
الرياضة.. تتويج لتخطيط وبنية واستثمار
من مونديال قطر 2022 إلى احتضان كأس العالم 2030، يثبت المغرب أن الرياضة ليست فقط إنجازًا، بل رؤية ملكية ومشروع وطني. فالبنيات التحتية، ومراكز التكوين، ودعم المواهب، كلّها عناصر جعلت المملكة تحصد النتائج وتظفر بالثقة العالمية.
وأعرب رئيس الحكومة الإسباني الأسبق، خوسيه لويس رودريغيز ثاباتيرو، عن ثقته في قدرة المغرب على إنجاح تنظيم المونديال إلى جانب إسبانيا والبرتغال، معتبرًا أن المملكة “تمتلك البنية التحتية والاحترافية اللازمة”.
عيد العرش.. لحظة وحدة وتقدير
يبقى عيد العرش لحظة تاريخية يتجدد فيها الوفاء للعرش والشكر للمنجز، ويعيد فيها المغاربة التأكيد على وحدة مصيرهم المشترك، خلف ملك يقود الوطن بثبات نحو آفاق أرحب.
وبين الماضي المجيد والمستقبل الواعد، يواصل المغاربة، بقيادة جلالة الملك محمد السادس، كتابة قصة بلد اختار أن يكون في المقدمة، بخطى ثابتة، وقلب نابض، وعين على المستقبل.