تعيش جماعة عين البيضاء، الواقعة بمحاذاة مدينة فاس، على وقع مفارقة تنموية مؤلمة، تجمع بين حجم المشاريع المنفذة في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية (INDH)، من جهة، وبين واقع اقتصادي واجتماعي راكد لا يعكس طموحات التنمية الموعودة.
فعلى الرغم من احتضان الجماعة لعدد من المشاريع الاجتماعية والفلاحية، تبقى مؤشرات النمو والتنمية في مستويات متدنية، مما يثير تساؤلات حقيقية حول نجاعة التدخلات العمومية وجدوى الاستثمارات المصروفة طيلة السنوات الماضية.
حسب فاعلين محليين، فإن المشاريع التي تم تنفيذها شملت دعم التعاونيات الفلاحية، تجهيز قاعات شبابية، وتهيئة بعض الفضاءات الاجتماعية، لكن تأثيرها ظل محدودًا، ولم يُسهم فعليًا في تحريك عجلة الاقتصاد المحلي أو توفير فرص شغل تخرج الجماعة من عزلتها.
ويشبّه أحد الفاعلين الجمعويين بالمنطقة تلك المشاريع بـ”المسكنات لمرض مزمن”، موضحًا أن الجماعة تعاني من مشاكل بنيوية، أهمها تراجع النشاط الفلاحي بفعل الجفاف، غياب الدعم الحقيقي للفلاحين، وانعدام فرص العمل للشباب.
يرتكز النقد الموجّه لهذا النموذج التنموي على ثلاث نقاط محورية:
- تشتت المشاريع: عدم وجود رؤية مندمجة تربط بين المبادرات المختلفة ضمن خطة تنموية موحدة.
- ضعف الأثر الاقتصادي: المشاريع المنجزة لم تخلق دينامية حقيقية في سوق الشغل أو الاقتصاد المحلي.
- إغفال الأولويات: مثل ضعف البنية الطرقية، وندرة مياه السقي، وغياب وحدات تحويل وتثمين المنتجات الفلاحية.
أمام هذا الوضع، يطالب سكان عين البيضاء والي جهة فاس-مكناس والقطاعات الوزارية المعنية، بإعادة تقييم طبيعة المشاريع المبرمجة، والانتقال من منطق المبادرات الاجتماعية المتفرقة إلى مشاريع اقتصادية مهيكلة ومستدامة، تُحدث تغييرًا حقيقيًا في الواقع المحلي.
ويرى المتتبعون أن إنقاذ هذه الجماعة، التي تعدّ حزامًا أخضر واقتصاديًا مهمًا للعاصمة العلمية، يبدأ بتجاوز المقاربة الكلاسيكية والإسراع نحو بناء نموذج تنموي يربط بين الفلاحة، الشباب، والبنية التحتية.