أثار الغياب اللافت لأغلبية النواب البرلمانيين عن جلسة المصادقة على مشروع القانون رقم 03.23، الذي يُتمم ويعدّل قانون المسطرة الجنائية، جدلاً واسعًا داخل المؤسسة التشريعية، وسط تساؤلات متجددة حول التزام ممثلي الأمة بحضور جلسات التشريع.
فخلال هذه الجلسة الحاسمة، والتي تُعد من بين أهم المحطات التشريعية في الدورة الحالية، صادق مجلس النواب على المشروع بأغلبية 47 صوتاً فقط، مقابل 15 معارضاً، في ظل غياب 333 نائباً برلمانياً من أصل 395، أي ما يمثل حوالي 85% من الأعضاء، ما خلق حالة من الامتعاض داخل الأوساط السياسية والرأي العام.
في هذا السياق، عبّر إدريس السنتيسي، رئيس الفريق الحركي، عن استغرابه الشديد لهذا الغياب الكبير خلال ما اعتبره “جلسة دستورية وتشريعية وختامية”، داعياً إلى تلاوة أسماء المتغيبين بشكل علني داخل الجلسة.
من جانبه، حاول رئيس مجلس النواب، راشيد الطالبي العلمي، التخفيف من حدة الانتقادات، داعياً الفرق البرلمانية إلى تحمّل مسؤوليتها الذاتية في ضبط حضور أعضائها، ومشيراً إلى أن تسجيل الحضور يجب أن يُدرج في النظام الداخلي للمجلس.
وأشار الطالبي إلى أن المجلس سبق أن حاول تفعيل إجراء تلاوة أسماء المتغيبين، إلا أن هذه الخطوة ووجهت باحتجاجات شديدة من طرف البرلمانيين، بدعوى أن غياباتهم تكون أحياناً مبررة بمسؤولياتهم المحلية أو الجهوية.
وكان المجلس قد ناقش سابقًا إمكانية اعتماد نظام إلكتروني ذكي لتسجيل الحضور، غير أن هذه الخطوة لم تُفعل إلى حدود الساعة بسبب معارضة بعض الفرق.
الجدير بالذكر أن ظاهرة الغياب لا تقتصر على فريق بعينه، بل تشمل نواب الأغلبية والمعارضة، ما يدفع بعدد من المتابعين إلى المطالبة بإصلاح حقيقي لمسألة الالتزام البرلماني وربطه بالمحاسبة.