شهدت جماعة أولاد الطيب ضواحي فاس، خلال الأسابيع الماضية، حملة ميدانية مكثفة بقيادة السلطات المحلية تحت إشراف مباشر من باشا المنطقة، استهدفت واحدة من أعقد الملفات التي أرّقت الساكنة لسنوات، وعلى رأسها ظاهرة البناء العشوائي والترامي على الملك العمومي.
ويأتي هذا التحرك اللافت في سياق جديد تمامًا، يتزامن مع غياب الحماية السياسية التي كانت تمنحها في السابق شبكة نفوذ يقودها البرلماني السابق رشيد الفايق، المتابع حاليًا في قضايا فساد ثقيلة أمام القضاء.
شملت تدخلات السلطات هدم عدد من البنايات غير القانونية، والتي كانت قد شُيّدت في تجاوز صارخ لضوابط التعمير، كما جرى تحرير الملك العام من التوسعات غير المشروعة لمحلات ومقاهي كانت تحتل الأرصفة والطرقات لفترات طويلة دون سند قانوني.
وتم التشدد في مراقبة رخص البناء، وربطها الصارم بالتصاميم الهندسية المعتمدة، مع إيقاف مظاهر التساهل السابقة التي كانت تُستغل لتحقيق مصالح شخصية وانتخابوية.
ورغم الحذر الذي يطبع موقف بعض المواطنين، فقد عبّرت شريحة واسعة من الساكنة عن ارتياحها لهذه التدخلات، معتبرة أن ما يجري يُعد بداية فعلية لتصحيح اختلالات بنيوية ظلت عصيّة على الإصلاح بسبب ما وصفوه بـ”النفوذ السياسي السابق”.
وحسب مصادر مطلعة أن “السلطة كانت في السابق مكبلة أمام شبكة معقدة من المصالح، لكن الوضع تغير، وهناك اليوم فرصة حقيقية لاسترجاع هيبة الدولة”.
يرى متتبعون أن نجاح السلطة المحلية في مباشرة هذه الحملة يعكس تحررها من الضغط السياسي السابق، ويشكل فرصة لإعادة بناء نموذج تنموي جديد للجماعة يقوم على الشفافية، احترام القانون، وخدمة الصالح العام، بدل تغليب المصالح الشخصية والفئوية.
ويُنتظر أن تستمر هذه الحملة لتشمل ملفات أخرى بقيت عالقة، في أفق إرساء قواعد حَكامة ترابية جديدة قادرة على إعادة ثقة المواطنين في المؤسسات.