أثار مشروع قانون جديد بالكونغرس الأمريكي يسعى إلى تصنيف جبهة البوليساريو كتنظيم إرهابي صدمة دبلوماسية غير مسبوقة داخل الجزائر، التي سارعت إلى إطلاق تحركات مكثفة لاحتواء تداعيات الخطوة التي تهدد واحدة من أبرز ركائز سياستها الخارجية.
وفي أول رد فعل عملي، أرسل النظام الجزائري سفيره بواشنطن، صبري بوقادوم، للقاء النائب الديمقراطي جيمي بانيتا، أحد الموقعين على المقترح إلى جانب النائب الجمهوري جو ويلسون.
اللقاء، الذي عُقد يوم الأربعاء 23 يوليوز، أحيط ببرودة لافتة، حيث اكتفى بانيتا بتغريدة دبلوماسية على منصة X أعرب فيها عن “تقديره للحوار” دون الإشارة إلى أي تفاهمات أو تنازلات.
صدمة سياسية وقانونية تهدد “البوليساريو”
مشروع القانون الأمريكي يشكل نقطة تحول حاسمة في مسار النزاع حول الصحراء المغربية، إذ أن تصنيف البوليساريو كتنظيم إرهابي من قبل الولايات المتحدة قد يُفضي إلى عقوبات صارمة تشمل تجميد الأصول، وتقييد التحويلات المالية، ومنع السفر، إضافة إلى ضرب مشروعها الانفصالي في العمق.
المشرعون الأمريكيون استندوا إلى تقارير توثق تورط الجبهة في أنشطة مشبوهة، منها التهريب والتسلح والتعاون مع تنظيمات إرهابية تنشط في الساحل، فضلاً عن صلاتها بإيران وحزب الله والنظام السوري. وهي معطيات طالما حذر منها المغرب وبدأت تجد صدى دولياً متزايداً.
الجزائر، التي سبق أن اتهمت المشرعين الأمريكيين بالانحياز للوبي المغربي، وجدت نفسها مضطرة إلى التواصل معهم مباشرة.
هذا التحول في السلوك يعكس مدى التهديد الذي يشعر به النظام الجزائري، خاصة في ظل تقارب استراتيجي متنامٍ بين المغرب والولايات المتحدة في ملفات الدفاع ومكافحة الإرهاب.
بل إن الجزائر أبدت استعدادها لشراء الأسلحة الأمريكية رغم تحالفها التقليدي مع روسيا، وأطلقت حملات ترويجية مدفوعة الثمن داخل مواقع أمريكية، من أجل تحسين صورتها وتخفيف وقع هذا المقترح في الكونغرس.
وفي خطوة تعكس ارتباك الموقف الجزائري، استعانت الأخيرة بجون بولتون، مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق، المعروف بمواقفه المؤيدة للبوليساريو.
غير أن تأثير بولتون تراجع بشكل كبير داخل دوائر القرار الأمريكي، خصوصاً بعد أن وصفه الرئيس السابق ترامب بأنه “من أغبى المسؤولين في واشنطن”.
الواقع يتغير.. والجزائر في الزاوية
التحركات الأمريكية الأخيرة تعكس تغيرًا عميقًا في الموقف الدولي من النزاع، خاصة بعد اعتراف إدارة ترامب بسيادة المغرب على الصحراء، ودعم عواصم أوروبية مؤثرة مثل مدريد وبرلين ومؤخرًا لشبونة للمقترح المغربي بالحكم الذاتي كحل واقعي.
في المقابل، يبدو أن المشروع الانفصالي الذي تموّله الجزائر منذ عقود يواجه نهاية وشيكة، خاصة في ظل اختراقات إرهابية داخل مخيمات تندوف، وتزايد الاتهامات الدولية للجبهة بالضلوع في أنشطة غير مشروعة.
نهاية لعبة البوليساريو؟
تصنيف جبهة البوليساريو كمنظمة إرهابية من طرف الولايات المتحدة الأمريكية ، فسيكون ذلك بمثابة القشة التي تقصم ظهر جبهة البوليساريو، ويُجبر الجزائر على مراجعة استراتيجيتها القديمة القائمة على دعم انفصال يفتقد لأي سند واقعي أو قانوني.
إنها لحظة الحقيقة التي طالما أجلها الزمن، وها هي تطرق أبواب الجزائر بقوة القانون الأمريكي