جاء مشروع قانون المالية لسنة 2026 محمّلًا برسائل سياسية واقتصادية عميقة، تعبّر عن إرادة الدولة المغربية في تجديد الثقة مع المواطن، وترسيخ خيار التنمية البشرية كمدخل أساسي لبناء مغرب المستقبل، في انسجام تام مع الرؤية الملكية السامية للملك محمد السادس نصره الله.
فقد صادق المجلس الوزاري، برئاسة جلالته، على ميزانية غير مسبوقة تبلغ 15 مليار دولار مخصصة لقطاعي التعليم والصحة، مع إحداث 27 ألف منصب شغل جديد بهذين القطاعين الحيويين، في خطوة تعبّر عن رؤية استراتيجية تجعل الإنسان محور السياسات العمومية، وتؤكد أن كرامة المواطن في صلب المشروع التنموي للمملكة.
⬅️ التعليم والصحة.. ركيزتان للعدالة الاجتماعية
لا ينظر المغرب إلى التعليم والصحة كخدمات اجتماعية تُقدَّم من باب الواجب، بل كـ ركيزتين أساسيتين لتحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية، وتقوية اللحمة الوطنية وتجديد العقد الاجتماعي بين الدولة والمجتمع.
فمن خلال هذه الميزانية التاريخية، تسعى الدولة إلى تحسين جودة المدرسة العمومية والمستشفيات، وتعزيز الكفاءات البشرية عبر التوظيف والتكوين، في مسار يضع الإنسان في قلب التنمية.
⬅️ في عالم الأزمات.. المغرب يستثمر في الأمل
في وقتٍ تتجه فيه دول عديدة إلى تقليص الإنفاق الاجتماعي بسبب الضغوط الاقتصادية، اختار المغرب الاستثمار في الإنسان رغم محدودية موارده مقارنة بدول كبرى مثل فرنسا وإسبانيا وإيطاليا.
ويقدم بذلك نموذجًا فريدًا في ترتيب الأولويات، حيث تُقاس التنمية بـ جودة حياة المواطن لا بحجم الأرقام في الميزانيات.
هذه المفارقة تعكس إرادة سياسية واضحة، تُثبت أن المغرب يبني نموه على أسس مستدامة تقوم على العدالة، التكافؤ، والكرامة.
⬅️ رسالة أمل للشباب المغربي
تخصيص 27.000 منصب شغل في قطاعي التعليم والصحة ليس مجرد قرار مالي، بل رسالة سياسية واجتماعية للشباب المغربي، مضمونها أن الدولة تراهن على كفاءتهم وانخراطهم في خدمة الوطن.
وهو توجّه ينسجم مع التوجيهات الملكية السامية الداعية إلى تشجيع الشباب على المشاركة في العمل العمومي والسياسي، وجعل المرفق العام مجالاً للجودة والمسؤولية والإنجاز.
وتُعتبر ميزانية 2026 ترجمة عملية للرؤية الملكية في تجديد العقد الاجتماعي، من خلال توجيه الاستثمار العمومي نحو ما يلامس حياة المواطنين اليومية، ويعزز حضور الدولة الاجتماعية التي تحمي وتؤهل وتُمكّن.
ويبقى التحدي الحقيقي في حسن تدبير الموارد المالية وتوجيهها نحو مشاريع واقعية تحدث أثرًا ملموسًا في التعليم، الصحة، والتشغيل.
فالإرادة السياسية واضحة، والرؤية محددة، وما ينتظره المواطن هو أن يرى مدرسة عمومية ذات جودة، ومستشفى إنساني الخدمات، وفرص شغل تحفظ الكرامة والاستقرار الأسري والاجتماعي.
إن مشروع قانون المالية 2026 ليس وثيقة تقنية، بل إعلان عن مرحلة جديدة من الأمل الوطني، تُؤكد أن المغرب ماضٍ بثبات نحو نموذج تنموي إنساني شامل، يقوم على المساواة في الفرص، العدالة الاجتماعية، والاستثمار في الإنسان باعتباره الثروة الحقيقية للوطن.