رصيف24-فاس
قدمت المسيرة الطلابية الأخيرة بظهر المهراز بمدينة فاس نموذجاً حضارياً يُحتذى به، ليس فقط على مستوى حجم المشاركة أو طبيعة المطالب الاجتماعية المرفوعة، بل أيضاً من خلال القدرة التنظيمية العالية التي أبان عنها الطلبة المنظمون. فقد نجح هؤلاء في تأمين سلامة المشاركين والممتلكات العامة والخاصة، محققين بذلك ما وصف بـ”صفر ضرر”.
ومنذ انطلاق المسيرة، برزت فعالية اللجان الطلابية المنظمة التي شكلت دروعاً بشرية على طول مسار التظاهر، مهمتها الأساسية منع أي احتكاك مع المارة أو أصحاب المحلات التجارية، والتصدي لأي محاولات قد تؤدي إلى إتلاف الممتلكات. كما حافظت هذه اللجان على الانضباط داخل صفوف المشاركين، موجِّهة الشعارات لتبقى محصورة في بعدها الاجتماعي، بعيداً عن الاستفزاز أو الفوضى.
هذا التنظيم الذاتي الراقي عكس وعياً طلابياً متقدماً، وأثبت أن إيصال الصوت لا يحتاج إلى الفوضى، بل يتحقق عبر التسيير المحكم الذي يحمي الأرواح والفضاء العام.
وقد أثار هذا النهج ارتياح الساكنة المجاورة التي تابعت المسيرة في أجواء من الطمأنينة، كما سهّل مهمة القوات الأمنية التي اكتفت بالمواكبة والتأمين من بعيد دون أي تدخل مباشر.
بهذا النجاح، جسّد طلبة ظهر المهراز درساً عملياً في كيفية ممارسة الحق في التظاهر بشكل مسؤول وسلمي، مؤكدين أن قوة المطالب تكمن في سلمية عرضها، وفي القدرة على حماية الفضاء العمومي الذي يحتضنها.