أكد وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار أن الأرقام التي يتم تداولها بخصوص ما يسمى بـ”الهدر الجامعي” يتم التعامل معها بشكل مبالغ فيه وغير دقيق، مشيراً إلى أن هذه الأرقام “تُستعمل إعلامياً وسياسياً أكثر مما تُبنى على منهجيات علمية واضحة”.
وجاءت تصريحات الوزير خلال مناقشة مشروع الميزانية الفرعية للوزارة بمجلس النواب، حيث أوضح أن مقارنة نسبة يقال إنها تتجاوز 48% في المغرب مع معدلات أوروبية تقارب 30% “مقارنة تحتاج إلى تدقيق منهجي قبل أن تتحول إلى حكم شامل على الجامعة العمومية”.
📊 طلبة يُحتسبون كهاربين من الجامعة رغم أنهم لم يكونوا أصلاً طلاب جامعة
الوزير اعترف بوجود اختلالات حقيقية تواجه الطلبة داخل الجامعة، من بينها صعوبات بيداغوجية ولغوية، لكنه شدد على أن جزءاً كبيراً من الأرقام المتداولة حول الانقطاع يعتمد على احتساب حالات لا تعكس الانقطاع الدراسي الفعلي.
وأوضح بهذا الخصوص أن عدداً مهماً من الطلبة يقومون بالتسجيل في الكليات فقط من أجل الاستفادة من المنحة الجامعية والدعم الاجتماعي، في حين أنهم في الواقع يتابعون دراستهم بمسارات أخرى مثل معاهد التكوين المهني، أو يختارون تكوينات مهنية خارج الجامعة.
وبالتالي، يُسجَّلون إحصائياً في خانة “المنقطعين عن الدراسة الجامعية”، رغم أنهم “لم تكن لديهم أصلاً نية متابعة مسار أكاديمي جامعي كلاسيكي”، على حد تعبيره.
الوزير اعتبر أن هذا يُضخّم نسبة ما يُسمّى بالهدر الجامعي، ويعطي صورة أسوأ مما يوجد على أرض الواقع.
💸 توجه جديد: ربط المنحة بالحضور الفعلي
وشدد الوزير على أن هذا الواقع يفرض مراجعة طريقة احتساب نسب الانقطاع عن الدراسة، وكذلك مراجعة طريقة صرف الدعم الاجتماعي.
وفي هذا الإطار، أعلن أن الوزارة تتجه نحو ربط الاستفادة من المنحة والدعم الاجتماعي بـ”المتابعة الفعلية للدراسة والحضور الحقيقي للطالب”، بدل الاكتفاء بالتسجيل الإداري دون التزام بالمسار الجامعي.
هذا التوجه، بحسب الوزير، يهدف إلى ضمان أن المنح العمومية تُصرف للطلبة الذين هم فعلاً داخل المسار الأكاديمي، وليس لمن يستعمل التسجيل الجامعي فقط كمدخل اجتماعي.
🏫 إصلاح بيداغوجي وتوجيهي قادم
واختتم الوزير مداخلته بالتأكيد على أن الوزارة تشتغل على إصلاحات بيداغوجية وتنظيمية تشمل التوجيه المبكر للطلبة، وتدبير المسارات الدراسية بشكل أوضح، بهدف خفض نسب الانقطاع الحقيقي عن الدراسة، وتقليص ظاهرة “التسجيل دون مشروع تعليمي واضح”.
ووفق المسؤول الحكومي، الرهان اليوم ليس فقط تقليص الهدر الجامعي بالمفهوم التقليدي، بل جعل المسار الجامعي متلائماً مع قدرات الطالب واختياره، بدل استعمال الجامعة كمحطة مؤقتة.

