وجّه وزير العدل عبد اللطيف وهبي انتقادات لاذعة لظاهرة مناقشة القضايا القضائية عبر منصات التواصل الاجتماعي، معتبراً أن ما أسماه “وسائل التباغض الاجتماعي” بات يشكل تهديداً حقيقياً لمهنة المحاماة ولحرمة العدالة.
وقال وهبي، خلال ندوة أمام المحامين المتمرنين بالدار البيضاء، إن عدداً من المحامين أصبحوا يناقشون تفاصيل ملفات موكليهم عبر الهواتف الذكية وصفحات التواصل، وهو ما اعتبره تجاوزاً خطيراً لسرية الملفات وواجب التحفّظ، مضيفاً أن “التحول نحو الظهور الرقمي حول بعض المحامين من مدافعين داخل القاعات إلى صحفيين رديئين في الفضاء الافتراضي”، على حد تعبيره.
وأشار الوزير إلى أن هذا السلوك لا يقتصر على المحامين فقط، مؤكداً أن بعض القضاة باتوا ينشرون صوراً ومحتويات من حياتهم المهنية على الشبكات الاجتماعية، ما ينعكس –وفق قوله– على هيبة القضاء وصورته لدى الرأي العام.
وأضاف أن “الجهل بالقاضي كان في السابق جزءاً من هيبته، أما اليوم فقد أصبح عرضة للتشهير والإساءة بفعل حضوره الرقمي”.
وكشف وهبي أن مشروع قانون المسطرة الجنائية الجديد تضمن إحداث منصب ناطق رسمي باسم النيابة العامة، بهدف تقديم المعلومات للرأي العام بشكل منظم ومحترف، دون المساس بمكانة القضاة.
وفي حديثه عن التحولات التقنية، اعتبر الوزير أن الأدلة العلمية الحديثة مثل البصمات والحمض النووي باتت تقلص هامش الاجتهاد للمحامين، وأن الاعتماد المتزايد على الذكاء الاصطناعي “قد يختزل مهنة المحاماة في خوارزميات”، محذراً من الانزلاق نحو “القاضي الآلة”.
وعلى مستوى التشريع، أعلن وهبي التوصل إلى توافق مع جمعية هيئات المحامين حول مشروع قانون المهنة، مؤكداً أنه سيُعرض على مجلس الحكومة منتصف دجنبر المقبل قبل إحالته على البرلمان، مع تنظيم لقاءات دراسية بمشاركة النقباء والخبراء.
وختم الوزير كلمته بالتأكيد على ضرورة التمسك بأخلاقيات المهنة وحماية حرمة المتقاضين، معتبراً أن “المحامي يبقى في مرحلة تمرّن دائم، لأن القانون مجال لا ينتهي”.

