في قلب جهة فاس-مكناس، تقف سيدي حرازم، الحامة المعدنية ذات الصيت الوطني، كنموذج صارخ للتناقض بين الواجهة التجارية البراقة والواقع التنموي المتدهور. فبالرغم من ارتباط اسمها بمياه معدنية تُوزّع على المستوى الوطني، فإن المركز نفسه يعيش على وقع التهميش، ويفتقر إلى أبسط مقومات العيش الكريم والتنمية المستدامة.
“الاسم غني والواقع فقير”، هكذا يختصر أحد أبناء المنطقة شعور سكان سيدي حرازم تجاه الإهمال المتراكم، الذي حوّل هذه الوجهة العلاجية إلى منطقة مهملة لا تعكس شهرتها ولا إمكانياتها الطبيعية.
تتجلى أبرز مظاهر التراجع التنموي في ضعف البنية التحتية، حيث تنتشر الطرقات المحفّرة، وتغيب الأرصفة في أجزاء واسعة من المركز، مع إنارة عمومية ضعيفة وشبكة صرف صحي تعود لعقود مضت.
أما الخدمات السياحية، التي كان من المفترض أن تدعم الطابع العلاجي للمكان، فقد شهدت تراجعًا ملحوظًا؛ إذ تفتقر المنطقة إلى فنادق مصنفة أو مرافق ترفيهية حديثة، مما يجعل زيارات الزوار مقتصرة على فترات قصيرة لا تتعدى بضع ساعات.
من المشاهد اليومية التي تؤرق الساكنة والزوار على حد سواء، الانتشار الكبير والعشوائي للباعة المتجولين، الذين يحتلون الساحات والممرات، في غياب سوق منظم يوفر البديل ويحفظ جمالية المنطقة. هذا الوضع يُحدث فوضى بصرية وبيئية تتنافى مع مكانة سيدي حرازم كحامة معدنية يفترض فيها الجذب السياحي والصحي.
غياب رؤية تنموية ومجالس لم ترتقِ للمسؤوليةويؤكد المتتبعون أن الوقت لم يعد يسمح بالمزيد من الانتظار، فإما تدخل عاجل يعيد البريق لهذه الجوهرة، أو الاستسلام لمسار الإهمال والتدهور الذي قد يقضي على كل ما تبقّى من فرص للإنقاذ.