لا يزال الخبز يحتفظ بمكانته المركزية داخل المائدة المغربية، حيث تشير تقديرات حديثة إلى أن الفرد الواحد يستهلك سنوياً أزيد من 1250 رغيفاً، في واحد من أعلى المعدلات بالمنطقة. ورغم هذا الإقبال الكبير، يسجل المغرب أرقاماً صادمة في التبذير، إذ يُهدر يومياً ما يقارب 30 مليون خبزة تُرمى في القمامة أو تُستخدم كعلف.
ورغم حضور الخبز كعنصر ثابت في الوجبات اليومية، يلفت مختصون في التغذية الانتباه إلى محدودية القيمة الصحية للخبز الأبيض الأكثر انتشاراً في الأسواق. فضعف نسبة الألياف وارتفاع المؤشر السكري يجعلان منه عاملاً مباشراً في زيادة الوزن واضطرابات السكر، ما يدفع إلى التوصية بتشجيع الخبز الكامل وتحسين جودة الدقيق الموجه للاستهلاك المحلي.
وفي الجانب المتعلق بجودة المنتوج، تحذر جمعيات حماية المستهلك من الفوضى التي يعرفها مجال المخابز، خصوصاً تلك غير المنظمة، والتي تطرح منتجات سريعة التلف وتساهم في تضخم نسب التبذير. كما تُطرح تساؤلات حول منظومة دعم الدقيق، التي لا يستفيد منها فعلياً المستهلك البسيط، في ظل غياب مراقبة صارمة لتوزيع الدقيق المدعم.
ثقافياً، يظل الخبز أكثر من مجرد مادة غذائية بالنسبة للمغاربة؛ فهو رمز للعيش و“النعمة” وامتداد لطقوس اجتماعية راسخة، ارتبطت تاريخياً بفترات الندرة و”عام البون”، ما جعل احترام الخبز جزءاً من الذاكرة الجماعية. هذا الإرث الثقافي يفسّر صعوبة تغيير أنماط الاستهلاك، رغم التحولات الغذائية والصحية.
ويتفق خبراء الاقتصاد والتغذية على أن مواجهة هذا الوضع تستلزم إصلاحاً مزدوجاً: تحسين جودة الدقيق والمنتوج من جهة، والحد من الهدر الغذائي من جهة أخرى، مع تعزيز وعي المستهلك حول بدائل صحية تحقق توازناً بين العادة الغذائية والاحتياجات الصحية.

