أثار النقاش حول العلم التركماني جدلًا في الجزائر، حيث اعتُبر رمزًا مستفزًا للهوية الجزائرية، على الرغم من كونه مجرد تعبير عن تاريخ وحضارة شعب يمتد من آسيا الوسطى إلى العالم العربي. هذا الجدل يعكس تناقضًا واضحًا في المواقف الجزائرية، لا سيما في تعاملها مع القضايا الإقليمية والرموز الوطنية، مثل دعمها لجبهة البوليساريو وإنشائها لجمهورية انفصالية في جنوب المغرب، إلى جانب تبنيها تصميمًا معدلًا للعلم الفلسطيني.
الشعب التركماني، الذي يُعد من أعرق الشعوب في آسيا الوسطى، يمتلك تاريخًا طويلًا وثقافة غنية. علمه، الذي يرمز باللون الأزرق للحرية وبالهلال والنجمة للهوية الإسلامية، يعبر عن تراثه وهويته. رغم اندماج تركمان العراق وسوريا ولبنان في مجتمعاتهم المحلية، فإنهم يعتزون بجذورهم التركية وثقافتهم العريقة.
ورغم انتقادات بعض النشطاء الجزائريين للعلم التركماني باعتباره “استفزازًا”، إلا أن ممارسات الجزائر تُظهر تناقضًا كبيرًا، كدعمها لجبهة البوليساريو وإنشائها كيانًا انفصاليًا جنوب المغرب لا يحظى إلا بدعم محدود، بالإضافة إلى تبنيها العلم الفلسطيني بتعديلات طفيفة، مما أثار استياء الشعب الفلسطيني الذي يرى في علمه رمزًا لنضاله.
من جانب آخر، تاريخ الجزائر مع الدولة العثمانية يعكس علاقة معقدة؛ إذ خضعت الجزائر للحكم العثماني لأكثر من ثلاثة قرون، عانت خلالها من استغلال الموارد وتهميش السكان، رغم دور العثمانيين في حمايتها من الغزو الأوروبي في مراحل معينة. هذا التاريخ يكشف عن تناقضات في العلاقة بين السيادة الوطنية والولاء الثقافي.
ادعاءات استفزاز العلم التركماني تفتقر إلى المنطق، فلكل شعب حق في التعبير عن هويته من خلال رموزه. التشابه بين الهلال والنجمة لا يقتصر على شعب معين، بل هو جزء من التراث الإسلامي المشترك. القضية الحقيقية تكمن في كيفية التعامل مع التنوع الثقافي والهوياتي، بعيدًا عن الانتقائية في المواقف.
على الجزائر أن تعيد تقييم سياساتها المتناقضة، خاصة فيما يتعلق بدعم الانفصال في بعض الدول، مثل المغرب، مع رفضها لرموز شعوب أخرى كالشعب التركماني. التاريخ يثبت أن الشعوب تسعى دائمًا للحفاظ على هويتها، وأن الصراعات حول الرموز الثقافية لا تؤدي إلا إلى مزيد من
الانقسام.
مصدر جرائد إلكترونية