كشف التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات عن وجود اختلالات جوهرية في الاستراتيجية الوطنية لمحاربة الأمية، التي لم تحقق الأهداف المرجوة رغم مرور سنوات على إطلاقها.
ووفقًا لمعطيات المندوبية السامية للتخطيط، بلغت نسبة الأمية بين الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم 15 عامًا حوالي 34.2% في عام 2021، مقارنة بـ38.6% في 2014، مما يعكس تحسنًا طفيفًا لا يتناسب مع الجهود المبذولة. كما أظهر التقرير استمرار الفجوة بين الجنسين، حيث تصل نسبة الأمية بين النساء إلى 43.9% مقارنة بـ24.1% بين الرجال، ما يبرز ضعف البرامج الموجهة للنساء.
منذ تأسيس الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية بموجب القانون رقم 38.09 في عام 2011، تم تخصيص نحو 2.971 مليون درهم لتنفيذ برامج محو الأمية بين 2015 و2023، حيث شكلت إعانات الدولة 84% من التمويل. ورغم هذه الموارد، أفاد التقرير بأن العدد التراكمي للمستفيدين من هذه البرامج بين 2004 و2021 بلغ نحو 13.5 مليون شخص، 88% منهم من النساء، في حين لم تتجاوز نسبة الرجال 12%.
ورغم ذلك، انخفض عدد الأميين في المغرب بشكل طفيف فقط، من 9.81 مليون في 2004 إلى 9.24 مليون في 2021، أي بمقدار 570 ألف شخص خلال 17 عامًا، وهي وتيرة بطيئة تعكس محدودية فعالية التدخلات. وأشار التقرير إلى أن حوالي 400 ألف شخص ينضمون سنويًا إلى صفوف الأميين، نتيجة انقطاع 79,302 شخص عن الدراسة في المرحلة الابتدائية، وعدم التحاق 15,318 طفلًا بالمدرسة، إضافة إلى ظاهرة الارتداد إلى الأمية التي تشمل 32% من المستفيدين من البرامج.
وأرجع المجلس الأعلى للحسابات هذه الوضعية إلى عدة عوامل، أبرزها ضعف جودة التعلمات المقدمة، وانخفاض الالتزام بحضور الحصص، وغياب ارتباط واضح بين برامج محاربة الأمية وأنظمة التعليم الأساسي والمهني، مما يحد من إدماج المتحررين من الأمية. كما انتقد التقرير غياب التنسيق بين الجهات المعنية، مثل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ومؤسسة التعاون الوطني، والمندوبية العامة لإدارة السجون، ما انعكس سلبًا على تحقيق النتائج المرجوة.
مصدر جرائد إلكترونية