خطوة حازمة لمواجهة الاعتداءات المتزايدة التي تستهدف الموظفين العموميين، أصدرت رئاسة النيابة العامة بالمغرب، بتاريخ 16 يونيو 2025، دورية موجّهة إلى الوكلاء العامين ووكلاء الملك، تحثهم فيها على تفعيل أقصى درجات الصرامة القانونية في التعاطي مع هذا النوع من القضايا، ضمانًا لحماية موظفي الدولة أثناء أدائهم لمهامهم أو بسببها.
وأكدت الدورية أن الموظفين العموميين يُضطلعون بأدوار محورية في تنفيذ القانون وضمان النظام العام، ما يستوجب تمتيعهم بحماية قانونية فعّالة، باعتبار أن أي اعتداء يطالهم يُعد مساسًا مباشرًا بهيبة الدولة ومؤسساتها.
وأظهرت معطيات رسمية مقلقة حول تصاعد الاعتداءات، إذ ارتفعت القضايا المسجلة من 3549 حالة سنة 2018 إلى 6888 قضية سنة 2024، مع تسجيل 8201 ضحية في سنة واحدة فقط، من بينهم عناصر من الشرطة، القوات العمومية، القضاة، وأعوان السلطة.
وشددت الوثيقة على أن التعامل مع هذه القضايا يجب أن يتجاوز الرصد والإدانة، ليصل إلى فرض المساءلة الجنائية الصارمة، مع تفعيل جميع الإمكانيات القانونية المتاحة.
وأوصت النيابات العامة بالاستمرار في تطبيق التعليمات السابقة، لا سيما منشور أكتوبر 2017 ودورية نونبر 2021، داعية إلى فتح تحقيقات قضائية معمقة تشمل الاستماع لجميع الأطراف، وإنجاز الخبرات، وجمع الأدلة المادية والرقمية، مع تكييف قانوني صارم للاعتداءات خصوصًا في حالات العود، أو استعمال السلاح، أو ارتكاب الجريمة في حالة تخدير.
كما دعت الدورية إلى إعداد محاضر قانونية محكمة، وتقديم ملتمسات قوية أمام القضاء تُبرز خطورة الأفعال المرتكبة والضرر المعنوي والمؤسساتي الناتج عنها، إضافة إلى الاستعانة بالأدلة مثل الصور والفيديوهات عند توفرها، واللجوء إلى الطعن إذا لم تكن الأحكام متناسبة مع جسامة الجرم.
وألزمت رئاسة النيابة العامة الوكلاء العامين ووكلاء الملك بـإبلاغها دوريًا بجميع الحالات الخطيرة التي تستهدف الموظفين، ورفع التقارير التفصيلية اللازمة، واستطلاع الرأي عند وجود صعوبات في التكييف القانوني أو المتابعة.
واختتمت الدورية بالتأكيد على أن تفعيل هذه التوصيات يُعد ضرورة لترسيخ سيادة القانون، وحماية المؤسسات، معتبرة أن أي اعتداء على موظف يزاول مهامه لا يُمكن التعامل معه كحالة معزولة، بل هو تهديد مباشر لبنية العدالة والدولة.