تقع مدينة شيشاوة وسط المغرب، ويبلغ عدد سكانها قرابة 40 ألف نسمة. لطالما كانت هذه المدينة محطةً حيويةً على الطريق الرابط بين شمال المغرب وجنوبه، خاصة بالنسبة للمسافرين نحو أكادير والصويرة. وكانت أشجار الأوكالبتوس المعمّرة، التي زينت فضاءاتها لعقود، تمنحها بعداً بيئياً وجمالياً نادراً.
خلال عقود مضت، عرفت شيشاوة دينامية اقتصادية واعدة. مشاريع متعددة انطلقت، وحركة تجارية نشطة كانت تغذيها الرحلات اليومية عبر الطريق الوطني. غير أن هذه الصورة تغيرت بشكل جذري بعد افتتاح الطريق السيار الذي التفّ على المدينة، ليحوّلها من نقطة عبور محورية إلى محطة مهجورة على الهامش.
انهيار بيئي واقتصادي
لم يقتصر التراجع على الجانب الاقتصادي فقط، بل شمل أيضاً تدهوراً بيئياً واضحاً بعد اقتلاع العديد من أشجار الأوكالبتوس التاريخية. تبع ذلك تعرض المدينة لهزات زلزالية، وانفجار بحيرة قريبة خلّف فيضانات أضرت بالبنية التحتية وأثّرت سلباً على الحياة اليومية للسكان.
تحوّل ديمغرافي واجتماعي معقد
في ظل الانكماش الاقتصادي، أصبحت شيشاوة وجهةً غير مرغوبة، لكنها أصبحت ملجأً اضطرارياً لفئات هشة: مهاجرون غير نظاميين من إفريقيا جنوب الصحراء، ومرضى نفسيون يتم ترحيلهم من مدن أخرى، مما خلق وضعاً اجتماعياً متقلباً ومعقداً، يزيد من تحديات المدينة المهملة.
الكرامة المتبقية والأمل الممكن
ورغم كل هذه النكسات، لا تزال المدينة تحافظ على قدر كبير من الأمن والاستقرار الداخلي، بفضل وعي وتلاحم سكانها الأصليين الذين يتمسكون بترابهم وتاريخهم. هؤلاء لا يزالون ينتظرون التفاتة من الدولة والمسؤولين المحليين لإعادة بعث المدينة وإنقاذها من التهميش الكامل.