Table of Contents
في قلب سهل الغرب، المنطقة الفلاحية الأولى في المغرب، تنبض مدينة سوق أربعاء الغرب بحكايات أبنائها الذين اجتازوا التحديات وحققوا الإنجازات من رحم المعاناة. ومن بين هؤلاء الرجال العظام، برز المهندس كريم زيدان، الذي أصبح الآن حديث الساعة كنموذج للطموح والكفاح والنجاح، حيث انطلق من أزقة هذه المدينة الصغيرة المنسية في منطقة الغرب إلى قمة هرم صناعة المحركات في ألمانيا، قبل أن يتم تعيينه الآن عضوًا بالحكومة المغربية كوزير منتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالاستثمار والتقائية وتقييم السياسات العمومية في إطار تعديل حكومي جرى في 23 أكتوبر 2024. إنجاز عظيم ليس مصدر فرح لكريم زيدان فقط، وإنما لأبناء منطقته، الذين يرون في قصته تجسيدًا للأمل والتحدي.
الانطلاق من الجذور
وُلِد كريم زيدان سنة 1967 بمدينة سوق أربعاء الغرب لعائلة ذات جدور فاسية غرباوية ، حيث نشأ وقضى سنوات الأولى في بيئة شعبية بسيطة تعكس التحديات اليومية التي يواجهها ساكنة الغرب . ورغم الظروف الصعبة، استطاع كريم أن يتشبت بأحلامه من خلال الإصرار والاجتهاد والتركيز على المستقبل . بدأ دراسته الابتدائية في مدرسة السعديين، ثم حصل على شهادة البكالوريا في الصناعة الميكانيكية، مما مهد له الطريق نحو التعليم العالي في عالم الهندسة الميكانيكية كما كان يريد والده.
تجربة الهجرة والتحديات
في عام 1989، التقى كريم زيدان بمجموع من السياح الألمان في شاطئ مولاي بوسلهام المجاور ؛ فاكتشف ان الافق متسع و العالم اكبر مما يتصور … فقرر زيدان الهجرة إلى ألمانيا بحثًا عن فرص جديدة في مسيرته الدراسية . لكن رحلته لم تكن سهلة، فقد واجه تحديات كبيرة، بما في ذلك عدم إتقانه للغة الألمانية وعدم وجود اي فرد من العائلة او مستضيف له في بلاد الغربة . حيث قال في إحدى تصريحاته لجريدة هسبريس الالكترونية، أنه كان ينام أحيانا في الحدائق ومحطات القطار في اشهره الاولى متأملًا في مستقبله المجهول وطريقه الصعب ..
هذه الصعوبات لم تمنعه من العمل الجاد والتركيز على دراسته وطموحه. حيث كافح وتخرج في الهندسة الميكانيكية وبدأ العمل في شركات استشارية، مما ساعده على اكتساب خبرة قيمة في سوق العمل ..
صعوده في مجال المحركات
عمل كريم زيدان في سنواته الاولى بالمانيا في عدة شركات في قطاع صناعة السيارات ؛ ومع مرور الوقت، انضم زيدان إلى شركة “بي إم دبليو” حيث تولى منصب مسؤول تطوير المحركات بالشركة العملاقة. خلال هذه الفترة التي دامت لاكثر من 17 سنة في هذا المنصب المرموق ، أظهر إبداعًا كبيرًا وحقق إنجازات ملحوظة في تطوير كفاءة المحرك الألماني، مما أكسبه سمعة قوية في عالم صناعة السيارات. لدرجة انه اصبح ضمن الوفد المرافق للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في زيارات رسمية لبلدان مختلفة من بينها المغرب ، وهو ما زاد من شعبيته وأثره في الأوساط السياسية والاستثمارية .
مساهمته في التعليم والتنمية
بالإضافة إلى إنجازاته في مجال صناعة السيارات، أظهر كريم زيدان التزامًا قويًا بتعزيز التعليم والتنمية في المغرب. حيث قام بتأسيس شبكة الكفاءات المغربية-الألمانية، التي تهدف إلى تعزيز التعاون الأكاديمي والتقني بين البلدين في مجالات متعددة، مما يسهم في تطوير مهارات الشباب المغربي. ولم يقتصر اهتمامه على التعاون الدولي فحسب، بل قدم أيضًا تبرعات سخية للمؤسسات التعليمية المغربية، حيث أهدى نماذج تعليمية لمحركات ألمانية لفائدة الطلبة في الجامعات المغربية، مما يعكس إيمانه بأهمية التعليم كوسيلة للتغيير والنمو والازدهار.
الانخراط في العمل السياسي
انتقل كريم زيدان من عالم الأعمال إلى السياسة، حيث تم تعيينه في عام 2019 منسقًا لحزب التجمع الوطني للأحرار في ألمانيا. وهذا التعيين أتاح له الفرصة للتعبير عن رؤيته للمستقبل والمساهمة في تحسين أوضاع المغاربة في الخارج وخلق جزء للكفاءات المغربية في المهجر مع وطنه الام .
وفي 23 أكتوبر 2024، جاء الإعلان عن تعيينه وزيرًا منتدبًا لدى رئيس الحكومة، مكلفًا بالاستثمار وتقييم السياسات العمومية في اطار التعديل الحكومي الذي قام به السيد عزيز اخنوش رئيس الحكومة والأمين العام لحزب التجمع الوطني للاحرار.. حيث يشير هذا التعيين إلى الثقة الكبيرة التي يحظى بها كريم زيدان من قبل السلطات العليا في البلاد ويعكس طموحه في تحقيق تغييرات إيجابية على أرض الواقع.
فخر أبناء سوق أربعاء الغرب
يمثل كريم زيدان رمزًا للأمل والطموح لأبناء سوق أربعاء الغرب، الذين يعتبرونه قدوة يجب الاقتداء بها ومبعثا للفخر والشرف . حيث عبر الكثير من سكان المنطقة بمواقع التواصل الاجتماعي عن رغبتهم القوية في أن يتقدم كريم زيدان للانتخابات المقبلة ليكون صوتهم في البرلمان ويترافع عن مصالحهم في اروقة صناعة القرار .
هذه الرغبة تعكس اعتزازهم بمسيرته المهنية والسياسية، حيث يرون فيه شخصية مشرفة قادرة على تمثيل قضايا واهتمامات ساكنة الغرب بشكل فعال