في مشهد مؤلم لعشاق التاريخ والتراث، شهد قصر البحر في آسفي انهيار أحد أهم معالمه المعمارية، القوس الكبير الذي كان بمثابة بوابة مفتوحة على المحيط. هذا القوس، الذي يعود تاريخه إلى فترة الاحتلال البرتغالي للمدينة في القرن السادس عشر، كان رمزًا لفخامة القلعة الدفاعية التي شكلت حصنًا استراتيجيًا للبرتغاليين قبل انسحابهم.
أهمية القوس وقصر البحر
قصر البحر، الذي شُيّد على يد البرتغاليين خلال احتلالهم لآسفي، يُعتبر من أبرز المعالم التاريخية في المدينة. كان هذا القوس بمثابة بوابة ضخمة تطل مباشرةً على البحر، حيث تميز بجماله المعماري وصلابته لعقود طويلة. لكن مع مرور الزمن، تعرضت البنية التحتية للقصر وعناصره المعمارية لتآكل بفعل عوامل الزمن والطبيعة، خصوصًا الأمواج العاتية التي لم تتوقف عن قصف جدرانه وأساساته.
الانهيار: نتيجة إهمال أم قوى الطبيعة؟
رغم بداية مشروع ترميم القصر وأبراجه، إلا أن الخطة لم تُعطِ الأولوية لحماية الأساسات من تأثيرات المد والجزر والأمواج القوية، مما أدى إلى استمرار الضغط المائي على الجدران المنهكة. بدلاً من اتخاذ إجراءات احترازية لحصر الأمواج باستخدام كتل خرسانية قوية قبل الشروع في الترميم، تم تنفيذ الأعمال بطريقة غير منظمة، ما جعل عمليات الترميم وكأنها صب الماء في الرمل، بلا فائدة حقيقية.
مشروع الحماية وتأخر التدخل
ضمن البرنامج المستقبلي، هناك مشروع لحصر الأمواج عبر وضع كتل خرسانية (البلوكات) لحماية الموقع من التآكل المستمر. لكن، تأخر تنفيذ هذا الحل ربما ساهم في تعجيل انهيار القوس، الذي أصبح الآن جزءًا من البحر بعدما صمد لأكثر من خمسة قرون.
خسارة أثرية لا تُعوض
مع سقوط هذا القوس، فقدت آسفي جزءًا من ذاكرتها التاريخية، ورمزًا معماريًا ظل شاهدًا على حقبة استعمارية مهمة. هذا الحدث يدعو إلى ضرورة إعادة النظر في طرق الترميم المعتمدة لحماية ما تبقى من قصر البحر، وضمان أن تكون الأولوية للحلول الوقائية قبل عمليات الترميم الجمالية.
يبقى السؤال مفتوحًا: هل سنتعلم من هذا الدرس لحماية بقية معالم آسفي قبل فوات الأوان؟
بقلم نبيل المؤذن جمعوي مهتم بالثرات