شهد سوق الجملة للأسماك بالهراويين في الدار البيضاء، يوم الأحد 2 مارس 2025، لحظة استثنائية خلال زيارة تفقدية قامت بها زكية الدريوش، كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري. جاءت هذه الزيارة في أول أيام شهر رمضان، حيث يزداد الطلب على الأسماك، وخاصة السردين، مما جعل الأسعار محور النقاش بين المسؤولة الحكومية وتجار الجملة، قبل أن يتدخل الحواتة البسطاء لكشف حقائق صادمة حول المضاربات التي يعاني منها السوق.
تجار الجملة يصرحون بثمن أقل.. والحواتة يكشفون الحقيقة
خلال جولتها، استفسرت الدريوش تجار الجملة عن مصدر السردين وأسعاره، فأكدوا أنه قادم من طرفاية ويُباع للصيادين الصغار بسعر 300 درهم للصندوق. لكن المفاجأة جاءت عندما كسر الحواتة جدار الصمت، كاشفين أن السعر الحقيقي الذي يشترون به السمك هو 450 درهم للصندوق، أي بفارق 150 درهمًا عن السعر الذي صرح به التجار للمسؤولة الحكومية. هذا التصريح أربك الأجواء داخل السوق، وسلط الضوء على المضاربات التي تُمارَس في القطاع، والتي تتسبب في رفع الأسعار على المستهلك النهائي.
الراحة البيولوجية للسردين وتأثيرها على الأسعار
في تصريح صحفي عقب الزيارة، أوضحت زكية الدريوش أن الحكومة تسعى لضمان وفرة المواد الغذائية خلال شهر رمضان، لكنها أشارت إلى أن شهور يناير وفبراير ومارس تشهد انخفاضًا في توفر السردين بسبب فترة الراحة البيولوجية، ما يؤدي بشكل طبيعي إلى ارتفاع أسعاره. ورغم ذلك، أكدت أن السوق المغربي حر، وأن دور الوزارة يقتصر على الحفاظ على الثروة السمكية وضمان استدامتها.
المضاربات في سوق السمك.. أزمة متكررة
ليست هذه هي المرة الأولى التي يشتكي فيها الحواتة من المضاربة في سوق الجملة، حيث يُهيمن عدد محدود من التجار الكبار على توزيع الأسماك، مما يسمح لهم بالتحكم في الأسعار ورفعها على الصيادين الصغار، الذين يجدون أنفسهم في مواجهة هامش ربح ضيق أو حتى خسائر. هذا الوضع لا يؤثر فقط على الحواتة، بل ينعكس أيضًا على المواطن العادي الذي يشتري السمك بأسعار مرتفعة، خصوصًا في مناسبات مثل شهر رمضان حيث يرتفع الطلب بشكل ملحوظ.
هل ستتخذ الحكومة إجراءات لحماية المستهلكين؟
زيارة كاتبة الدولة لسوق الجملة جاءت بهدف الاطلاع على وضعية التموين والأسعار، لكن ما كشفه الحواتة يطرح تساؤلات حول مدى استعداد الحكومة للتدخل من أجل تنظيم السوق والحد من المضاربة. فهل ستكون هذه الزيارة مجرد جولة بروتوكولية، أم أنها ستمهد لاتخاذ قرارات فعلية تحمي الصيادين والمستهلكين من جشع الوسطاء؟
في انتظار أي إجراءات ملموسة، يبقى المواطن المغربي هو المتضرر الأكبر من هذه الاختلالات، حيث يجد نفسه أمام أسعار مرتفعة تفوق قدرته الشرائية، بينما تستمر المضاربات دون حسيب أو رقيب.