شهدت مدينة فاس في السنوات الأخيرة انتشارًا ملحوظًا لمحلات الحجامة، التي تقدم خدماتها للعموم تحت شعار “الطب البديل” أو “الطب النبوي”. وبين مؤيد يعتبرها علاجًا فعالًا ومتجذرًا في التراث الإسلامي، ومشكك يرى فيها خطرًا صحيًا في غياب التكوين والمراقبة، يبقى السؤال العالق: من يراقب هذا القطاع؟
تجول في أحياء فاس، من بنسودة إلى زواغة، من وسط المدينة إلى الأحياء الشعبية، لتجد عشرات المحلات ترفع لافتات “الحجامة الشرعية”، “العلاج بالقرآن”، أو “تنقية الدم”. بعضها داخل صالونات حلاقة، والبعض الآخر في محلات صغيرة تفتقر لأبسط شروط النظافة الطبية.
يقول (ع.ك)، وهو فاعل جمعوي في حي عين قادوس:
“هناك أشخاص يفتحون محلات الحجامة بدون أي تكوين طبي، ويستقبلون الزبائن كما لو أنهم أطباء متخصصون، بل ويقومون أحيانًا بوصف أعشاب وعلاجات خطيرة.
في غياب رقابة فعلية من السلطات الصحية، تُطرح العديد من التساؤلات حول نظافة الأدوات المستعملة، ومدى تعقيمها، وطريقة التخلص من الدم المستخرج. كما أن بعض الممارسين يزاوجون بين الحجامة والرقية و”علاج السحر”، مما يفتح الباب أمام الاستغلال النفسي والمالي للزبائن.
طبيب مختص في الطب العام فضّل عدم ذكر اسمه صرح لنا قائلاً:
“الحجامة يمكن أن تكون مفيدة إذا تمت في ظروف معقمة وعلى يد مختصين. أما ما نراه اليوم فهو استهتار بصحة المواطنين، وأحيانًا يؤدي إلى التهابات خطيرة أو حتى نقل العدوى.
رغم تزايد عدد محلات الحجامة، فإن هذا النشاط لا يخضع لقانون واضح أو دفتر تحملات معتمد من وزارة الصحة. ولا يوجد أي سجل موحد للعاملين في هذا المجال، ما يجعل كل من هبّ ودبّ يستطيع أن يفتح محلًا ويمارس “العلاج” كما يشاء
يطالب فاعلون جمعويون وأطباء بضرورة وضع إطار قانوني واضح ينظم هذا النشاط، مع فرض رخص مهنية تستوجب تكوينًا طبيًا أوليًا على الأقل، وتشديد المراقبة على المحلات العشوائية، تفاديًا لتحوّل هذه الفضاءات من علاج بديل إلى خطر بديل