أصدرت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة مذكرة تنظيمية جديدة همّت مختلف المديريات الإقليمية، بشأن إعادة إدماج التلاميذ المنقطعين والمفصولين عن الدراسة في سلكي التعليم الإعدادي والتأهيلي، في خطوة تهدف إلى محاربة الهدر المدرسي وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص، ضمن خارطة الطريق التربوية للفترة 2022-2026.
ووفق مصادر مطلعة، فإن السن الأقصى المحدد للعودة إلى الفصول الدراسية قد رُفع إلى ما بين 19 و21 سنة بدل 15 سنة، مع منح مدراء المؤسسات وأطر التوجيه التربوي صلاحية دراسة الملفات على أساس معايير تتعلق بالسلوك والانضباط، وبموافقة مجالس الأقسام، على أن تنطلق هذه العملية فعليًا ابتداء من شهر شتنبر المقبل.
وتشدد الوثيقة على أهمية المرونة في التعامل مع طلبات العودة، مع الأخذ بعين الاعتبار الوضعيات الاجتماعية والنفسية والصحية للتلاميذ المعنيين، فيما أكدت على ضرورة احترام سقف السن القانوني لكل مستوى دراسي.
هذا القرار، رغم كونه يُمثل فرصة لعدد من الشباب الذين غادروا مقاعد الدراسة في وقت سابق بسبب ظروف اجتماعية أو اقتصادية، أثار جدلاً داخل الجسم التربوي، حيث عبّر عدد من الأطر عن تخوفاتهم من تداعيات إدماج فئة راشدة داخل فضاءات دراسية موجهة أساسًا للمراهقين.
وحذّرت جهات تربوية من سيناريوهات محتملة تتعلق بالاحتكاك الثقافي والسلوكي داخل الأقسام، مستشهدة بحوادث سابقة مثل مأساة أرفود التي قُتلت فيها أستاذة على يد تلميذ يبلغ من العمر 21 سنة.
في المقابل، اعتبرت فعاليات حقوقية وتربوية أن المذكرة تجسد التزام الدولة بضمان التعليم كحق دستوري لكل المواطنين، دون تمييز على أساس السن، وأنها تفتح أفقًا جديدًا أمام فئات عريضة كانت مهددة بالتهميش والإقصاء.
وأكد عدد من المتتبعين أن التحدي الحقيقي لا يكمن في القرار ذاته، بل في آليات التنزيل الميداني، من خلال ضمان بيئة تعليمية دامجة وآمنة، وتأطير نفسي وتربوي للفئة المستفيدة، بما يُجنب المؤسسات أي توتر أو تصادم محتمل، ويُحوّل هذه العودة إلى مسار اندماج فعلي لا مجرد إجراء إداري.