أكد وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق، أن التعامل المالي بالفوائد على القروض لا يندرج ضمن “التعبد”، بل هو من باب “التشرع” القائم على التعاقد والتراضي، مشدداً على أن العدل يقتضي حماية المقترض من الحيف وتحويل الضرورة إلى أداة استغلال، وهو ما يستدعي تدخل الإمارة والمؤسسات لضمان التوازن.
جاء ذلك خلال الكلمة الافتتاحية التي ألقاها الوزير، يوم الأربعاء 3 يوليوز 2025، في افتتاح المنتدى الـ23 للاستقرار المالي الإسلامي، المنعقد بالعاصمة الرباط، حيث شدد على أن القروض ضرورة حياتية، لكنها تتحول إلى ظلم إذا استُعملت لاستغلال حاجة الناس. وأكد أن الإسلام وضع نظامًا ماليًا متكاملًا، لا يمكن فهم أجزائه إلا ضمن نسق شامل يجمع بين الروح والقانون.
وأشار التوفيق إلى أن القوانين التي تصدرها الحكومة باسم المصلحة لا تعتبر فوائد الأبناك بالضرورة ربا محرمًا، مستشهداً بمثال مراجعة مدونة الأسرة، حيث استشارت الحكومة المجلس العلمي الأعلى فقط في أقل من 20 مادة من أصل 400، ما يدل على ضرورة الاجتهاد القانوني الملائم للسياق الاجتماعي والاقتصادي.
وفي معرض حديثه عن البيعة، أوضح الوزير أن البيعة في المغرب كانت توقع من قبل مختلف شرائح المجتمع، من أهل النسب الشريف والعلماء إلى رؤساء العساكر، واليوم يجددها رؤساء الجماعات المنتخبة في عيد العرش، في تكريس لاستمرارية العدل والحكامة ضمن أطر قانونية تستند إلى المصلحة العامة.
كما أبرز التوفيق الدور الرائد الذي يلعبه المغرب في المالية التشاركية، مشيرًا إلى انخراط مؤسسات كبرى كـ”بنك المغرب” و”المجلس العلمي الأعلى” في مواكبة هذا الورش، من خلال تأطير الفاعلين البنكيين وفق ضوابط فقهية منفتحة على المعاملات المالية الحديثة.
واستحضر الوزير نصًا فلسفيًا للفيلسوف أرسطو بعنوان “النقود لا تلد”، ينتقد فيه الربا، قبل أن يأتي القرآن الكريم بأكثر من ألف عام ليدين الربا المضاعفة، ليس من منطلق تعبدي صرف، بل دفاعًا عن العدل ورفعًا للظلم عن المدينين.
وشدد التوفيق على أن المال ليس غاية، بل وسيلة يتوجب ضبطها بمقاصد الشريعة، داعيًا إلى عدم ترك المجال مفتوحًا أمام الطغيان المالي أو الاستغلال، مؤكدًا أن الدولة ملزمة بوضع قواعد صارمة لحماية السوق والمال العام، لكونه أمانة لا يجوز أن تُترك بيد السفهاء أو المضاربين الجشعين