أثار تصريح رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس النواب، محمد شوكي، خلال اجتماع لجنة المالية والتنمية الاقتصادية، جدلاً واسعاً بعدما لمح إلى أن الحكومة تواجه صعوبات في إيجاد يد عاملة لمختلف الأوراش والحقول ومهن الحدادة، في إشارة إلى أن بعض الشباب “لا يريدون العمل”.
ورغم أن شوكي لم يقل ذلك صراحة، إلا أن مضمون حديثه فُهم كاتهام غير مباشر لجيل كامل بعدم الرغبة في الشغل، في وقت ترتفع فيه نسب البطالة بشكل مقلق. وهو ما أثار انتقادات واسعة من طرف المتتبعين الذين اعتبروا أن مثل هذه التصريحات “تختزل أزمة بنيوية عميقة في نزعة فردية، وتحمّل العاطلين مسؤولية فشل السياسات العمومية”.
ويرى مراقبون أن المشكلة الحقيقية لا تكمن في “غياب الرغبة” بل في طبيعة سوق الشغل المغربي الذي يعرض أعمالاً موسمية وهشة بأجور متدنية، مقابل تقلص فرص التشغيل في الوظيفة العمومية، وتراجع الضمانات الاجتماعية في القطاع الخاص.
ففي الوقت الذي تدعو فيه الحكومة الشباب إلى التوجه نحو الفلاحة أو أوراش البناء، يتساءل الكثيرون عن مدى احترام هذه القطاعات للحد الأدنى من الأجور وشروط السلامة المهنية، في ظل ضعف المراقبة وصعوبة الولوج إلى الحماية الاجتماعية.
ويؤكد محللون أن معالجة أزمة البطالة لا تكون بتوجيه اللوم إلى الشباب، بل بإصلاح السياسات التشغيلية من جذورها، عبر ربط الصفقات العمومية بمؤشرات التشغيل اللائق، وإجبار المؤسسات العمومية والخاصة على تخصيص حصص سنوية للتدريب والتأهيل المهني، وتمويل مشاريع مبتكرة في مجالات التكنولوجيا الزراعية، والطاقات المتجددة، والخدمات الرقمية، والصناعات التحويلية.
كما يشدد الخبراء على ضرورة تغيير النظرة إلى “اليد العاملة” باعتبارها قوة بشرية مؤهلة تستحق أجراً عادلاً وتأميناً اجتماعياً وبيئة عمل تحترم كرامة الإنسان، لا مجرد أداة لتغطية الخصاص في الأوراش الموسمية.
فالشباب المغربي، كما يقول عدد من المراقبين، “لا يرفض العمل، بل يرفض العمل بلا كرامة ولا أفق”، والحديث عن “غياب الرغبة” ليس سوى ستار يخفي خللاً أعمق في بنية التشغيل والسياسات العمومية.

